الرئيسية مقالات أ. فاروق أبوسراج الذهب في ذكرى الشيخ الرئيس (01) الحياة لاتبنيها النصوص

في ذكرى الشيخ الرئيس (01) الحياة لاتبنيها النصوص

كتبه كتب في 21 يونيو 2021 - 1:22 م
مشاركة

 

في العشرين سنة الماضية فقدت الجزائر المعاصرة رموزا يندر أن يجود بها الزمان في حياة الأمم والشعوب ويصعب إنتاج أمثالها أو استنساخها،ذلك أن المجتمع في كل حقبة إنما هو انعكاس لشخصيات المجموعة التي تقود جيل الناس في تلك الحقبة أكثر مما هي انعكاس للقوانين المسنونة التي يراد لها أن تنظم الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وانما تعود هذه الظاهرة لسببين ،الاول هو أن المفاهيم والأخلاق والطباع توغل في التأثير المعنوي والنفسي أبعد من الأمر المفروض المنفذ بالقوة،وتغرس من معاني الاقتداء ما لا يملكه التسلط.
والثاني أن الفلسفة وأنواع الادب البلاغي،وتحاور الآراء وتجاوزها وحجج الفقه والفهم والتحولات الفكرية والصدمات الاجتماعية،تضرب على أوتار العقول والعواطف والأرواح فتدعها في موقف منجذب أو نافر،وليس يقوى جمود الصرامة على احتلال القلوب ولا له في شغافها مستقر.
فالحياة الإنسانية لاتبنيها النصوص،وانما ترفع أركانها كما رسخ الشيخ الراشد مجموعة قيادية من المؤمنين بتوابث الأمة ذات التأثير المتكامل،من رجال الإدارة والسياسيين والاقتصاديين والصناعيين والفقهاء والقضاة والادباء والمفكرين ،يؤمهم رجل جامع للخصال،شامل الاهتمام،وليس لقانون فرصة تغيير بدون أفئدة ملذوعةتتعبد بتطبيقه،ذلك أن الفقهاء والمفكرين كثير عددهم ولكن قضايا الأمة الحاضرة تريد أصحاب القلوب الملذوعة الذين يتفاعلون مع الاحداث أول بأول،ولهم تعبد في مراغمة الباطل والانحراف ومعاندته ومعالجته،وذلك يعطي لمنهج الإصلاح والتغيير في الأمة سنتا خاصا في تجاوز مجرد الدراسات السياسية والفكرية والفقهية والتوجيه العام القريب من طبيعة المنطق الجامد إلى مخاطبات قلبية تسبقه وتقارنه وتتلوه،تغذي الأرواح وتنمي الأشواق وتحلل البذل وتدفع نحو الاقتحام والتحدي والمرافقة على الحق حتى عند السلطان الحائر.
مثل هؤلاء الرجال هم الذين نتحدث عنهم ونكتب عن مناقبهم من منطلق الضمير التاريخي والمسؤولية الشرعية ومن هؤلاء الشيخ الرئيس محفوظ نحناح تكريسا للوفاء وإشاعة للأمل وتعليم الناشئة سيرهم ومآثرهم لتجسيد رؤية تحالف وتعاضد الأجيال بدل صراعها وتناكفها.
وان الشيخ نحناح لهو من هؤلاء المصطفين الاخيار الذين يقتدى بهم حيث لا تكفي النصوص والقوانين لبناء حياة الأمم بل يبنيها مثل تلك الرموز والقادة التي ماتزال كلماتهم وسيرهم ومواقفهم تذكر بل وتعتمد كمسارات هادئة لاتخاذ المواقف واختيار المواقع ….
والأمم لإبقاء مسارها بمقدار ماشيدت من عمارات ومصانع بقدر مايقاس بما أنتجت من رجالات كانوا في صدارة هذا البناء والتشييد.

تعليق

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً