الرئيسية مقالات أ. فاروق أبوسراج الذهب في ذكرى المؤسس الرئيس (03) رائد يحول الانكسار انتصارا

في ذكرى المؤسس الرئيس (03) رائد يحول الانكسار انتصارا

كتبه كتب في 22 يونيو 2021 - 1:49 م
مشاركة

لم يكن الشيخ الرئيس من الذين يشترون النجاح بثمن بخس،ولم يجعل الغاية تبرر الوسيلة،كما يفعل رجال السياسة،ولذلك كان طريقه مليئا بالاشواك،وكانت آية متاعبه أنه يعمل في مجرى تراكمت فيه الجنادل والصخور،وكان هذا مما يدعوه إلى أن يدفع أنصاره إلى التسامي والتغلب على مغريات عصرهم والاستعلاء على الشهوات التي ترتطم بها سفن النجاة فتحول دون الوصول إلى اليابسة،وكان رحمه الله يريد أن يصل إلى الحل الامثل مهما طال طريقه، فرفض المساومة على المنهج من أي كان وأصر على المنهجية رغم ضغوط واكراهات المستعجلين،وأنني لأذكر ذات يوم من أيام سنة 2002 وبالضبط بعد تشريعات 30مايو حين زاد القصف الإعلامي على الحركة أصبح الرواد والقادة والمناضلون يتحدثون عن تراجع النتائج وتواتر الحديث تلو الحديث والمداخلة تلو المداخلة في لقاء فندق الصومام ببومرداس وكان الشيخ يتابع كل المداخلات ثم كلف ثلاثة قيادات بالرد فلم يقتنع الجمع فأخذ الكلمة وقال :كنت قد حضرت لكم حديثاً وخطابا ولكنني لا اجد له موضع قدم بينكم فمن أراد أن يجدد عهده بالمضي قدما نحو الهدف فإنني في غرفتي بانتظاره ،ومن أراد غير ذلك فالسماح بيننا.وخرج من القاعة كزعيم يقود ولا ينساق برباطة جأش مرفوعة وليس بمجرد خطابات مسموعة…. وتلاوم الإخوان فيما بينهم وتبعه الجمع ليجدد عهده ولتستفرغ أيضا شحنات الغضب والحنق في أجواء من التصالح بين الجميع.

وكنت آنذاك اتساءل لماذا فعل الشيخ ذلك؟ لكنني سرعان مافهمت فراسته،لقد كان الشيخ عظيما في تعامله مع الاحداث خاصةعند الهزيمة أو التراجع السياسي ،وتصورت في حينها مشهد آخر لو أن الشيخ لم يتمكن بذكائه الحاد من إدراك أن الإخوان في قمة الانكسار وراح يخطب فيهم بما كان قد حضره دون مراعاة لواقعهم النفسي الجديد ولاسيما في ظل مطالبة الصحافة بالاستقالة وتجديد الهياكل والخطاب والسياسة العامة.لقد علم الشيخ آنذاك أن مخاطبة العقل في جو انكسار القلب لاينفع وان القيادة في مثل تلك الظروف ليست فقط خطاب وتباري في إحصاء المبررات وانما في اخراج الرواد من حقل الصدمة إلى حقل يتعاون فيه القلب الذكي مع الفؤاد النقي لصناعة الشهد الصفي.

لقد كان في عقل الشيخ مرونة وفي تفكيره تحرر وفي روحه صفاء وإشراق وفي أعماقه ايمان قوي جارف استطاع أن يصنع من الانكسار انتصارا وقاد السفينة في بحر متلاطم الأمواج ،واذا ما أردنا أن نصف الشيخ وهو يقود دفة الحركة في مثل تلك الظروف فإننا سنقول:أنه كان متخصصا في تقنية ومهارة الخروج من حقل الصدمة لأن الوقوع في حقل الصدمات يمنع من التفكير في إيجاد الحلول لها وذلك ما كان عليه الشيخ الرئيس وهو يتعامل مع الأحداث،كان رحمه الله يؤمن بالواقعية ويفهم الاشياء على حقيقتها،مجردة من الأوهام وكان يبدو حين تلقاه هادئا غاية الهدوء،وفي قلبه مرجل يغلي ولهيب يضطرم ،كان رحمه الله يحترق كلما سمع بأن جزءا من الوطن العربي والإسلامي قد أصابه سوء أو ألم به اذى،ولكنه لم يكن يصرف غضبه في مصارف الكلام أو الضجيج أو الصياح ولا ينفس عن المه بالاوهام وانما يوجه هذه الطاقة القوية إلى العمل والانشاء والاستعداد لليوم الذي يمكن أن تتحقق فيه آمال الشعوب… كان رحمه الله في المعارك التي يخوضها كخالد ابن الوليد لايتراجع خطوة إلا بحساب مابعدها.

التدوينة الرابعة: صفاء وتميز وشمعة في الظلام.

رحم الله الشيخ الرئيس.

تعليق

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً