خلاصة كتابي الموسوم بــ :هل خرجت داعش من رحم فكر الاخوان ؟
فكر الاخوان ضمانة لاستقرار المنطقة لو يرشد الحكام
بقلم فاروق أبو سراج الذهب طيفور
إن المقارنة الموضوعية بين الفكر الذي يقف وراء الممارسات الوحشية التي تنفذها داعش وفكر الإخوان المسلمين تخلص إلى نتيجة غير قابلة للطعن مضمونها إن فكر الإخوان المسلمين ومهما التبس على البعض في بعض الكتابات والتصريحات هنا وهنالك سيما تلك التي تتهم سيد قطب على مستوى الفكر او عبد الله عزام على مستوى الممارسة في أفغانستان أنهما شيخا ومرجعا تفريخ جماعات العنف في العالم الإسلامي ،هو فكر بعيد كل البعد عن العنف والإرهاب أو انه أنتج مثل هذا الفكر المنحرف عن قيم ومبادئ وأسس الفكر الإسلامي الصحيح ،وقد أثبتنا بالدليل والبرهان وتواتر الشهادات للخبراء والمفكرين وحتى خصوم الاخوان ،إن كلا الشهيدين والمفكرين كانا ابعد الناس عن فكر الإرهاب والعنف فكرا وممارسة ،بل قضى الأول شهيدا في عهد عبد الناصر ظلما بالإعدام ليس لأنه كون جماعة مسلحة او اعلن الخروج على الحاكم بل لأنه عارض نظام الحكم التسلطي الاستبدادي ،اما الثاني فقد استشهد مع ولديه محمد وإبراهيم في باكستان وهو متجه إلى مسجد سبع الليل الذي خصصته جمعية الهلال الأحمر الكويتي للمجاهدين العرب، إذ كانت الخطب في المساجد الأفغانية بلغة الأردو، فحضر لإلقاء خطبته يوم الجمعة بتاريخ 25 ربيع الآخر عام 1410هـ الموافق 24 نوفمبر عام1989م وأنفجرت به سيارته التي لغمها له أعداءه – الذين لم تثبت هويتهم إلى اليوم – ودفن يوم وفاته في باكستان وفتح باب العزاء له في قرية قم بالأردن حتى أن شيخ عشيرة العزام في الأردن إبراهيم ناجي باشا العزام تقبل التعازي به من الملك الحسين بن طلال حيث كان يومها القتال في أفغانستان غير مستنكر في النظام السياسي العربي،وكأن القاتل كان يريد ايقاف اللمسات الأخيرة لمشروع كبير للمصالحة بين أطياف الجهاد في أفغانستان لبناء الدولة بعد التحرير ،وان ما التبس عند بعض المفكرين العلمانيين الذين كانوا يبحثون فقط عن شواهد وقرائن و نصوص تدين التقدم غير المسبوق لحركات الإسلام السياسي التي أصبحت تنافس الأحزاب العلمانية بأدواتها والياتها التي استوردتها من الغرب من اجل ضمان نصاب بقائها ولكنها لا تحترم نتائجها ادا ما أفرزت غيرها وخاصة أطياف الإسلام السياسي التي صارت بعد أن قبلت الدخول في اللعبة السياسية تحرز مواقع متقدمة في الانتخابات ،كما أن التسويق الإعلامي العملاق بتخصيص قنوات فضائية وصحف عديدة تضع التصريحات المنحرفة والممارسات التي لا تقف على دليل صحيح وصريح من القرآن والسنة في واجهة الأحداث وتصدر بعض الرويبضة لأمر العامة جعل الأصول والثوابت والوسائل والغايات تختلط عند ضعيفي الفهم لأصول الدين وهو ما ألتقفته بعض الأوساط الفكرية المغرضة ،وسلطت عليه الضوء بل تخصصت فيه عبر تقارير ودراسات وبحوث تقول عنها أنها علمية وأكاديمية ولكنها في الحقيقة تأخذ بخطاب ويل للمصلين بل وأولت بعض أخطاء الدعاة المتسرعين المستعجلين من ذوي البضاعة الإسلامية الضحلة المزجاة وحطاب الليل، دليلا على إسناد ودعم عرائض الإدانة لفكر الإخوان المسلمين وقد كان لبعض ردود الفعل غير الواعية على استفزازات الأنظمة سيما بعد إلغاء نتائج الانتخابات وتزويرها كالحالة الجزائرية ما يؤكد وجهة النظر القائلة بإثبات تهمة الإرهاب والعنف على دعاة الإسلام السياسي مستخدمين دلك وسيلة للتحريض عليهم والتعريض بهم والتخويف منهم بل والزج بهم في السجون بتهمة الحصول على نتائج هامة في الانتخابات ثم تقويض كل مؤسساتهم السياسية والفكرية والمالية والاجتماعية والخيرية والتعليمية .
وإذا كنا قد اشرنا إلى مستقبل الفكر الداعشي والذي يختلف اختلافا جذريا عن الفكر الذي ناضل من اجله الإمام حسن البنا وتبنته جماعة الإخوان المسلمين بعده رغم بعض الانشقاقات التي حدثت في الجماعة والتي مارست فيما بعد أعمال عنفية تبرأت منها الجماعة في حينها بل وحررت مناطها بكتابات ومواقف معلنة ومنشورة سيما ماتعلق بموقف الإخوان من التعددية والعنف والمرأة والجهاد والى غير ذلك من المفردات التي كانت مثار جدل واسع في فترة من الفترات تتجدد مع تجدد وصول الإسلاميين إلى السلطة ،ولكن للأسف مايزال بعض العلمانيين يستخدمونها كأدلة على إدانة الإخوان إلا أننا سنوجه بعض الملاحظات على ممارسات جماعة الاخوان المسلمين في مسارها التاريخي ونشير إلى بعض الأخطاء التي لم تغفر للجماعة وأعطت سلاحا إضافيا لمن يبحث عن قرائن الإدانة عبر التاريخ .
إن اللغط الذي أحدثته كتابات سيد قطب رحمه الله والتشويش الكبير الذي أصاب فكر الجماعة بعد وفاة مرشدها الأول لم تواجهه الجماعة بحزم كبير لدى قواعدها وراحت تدافع عن سيد قطب رغم وجود رسالة حسن الهوضيبي دعاة و لا قضاة ،كما أن تصريحات بعض القيادات الاخوانية ودفاعها المستميت على كتابات سيد قطب ادخل بعض التشويش على فكر الإخوان سيما عند بعض الأنصار الذين أشكل عليهم الأمر وكان الواجب أن تنتشر الكتابات والبحوث وتسوق تسويقا جيدا لدى الراي العام لان أنصار ومحبي الإخوان موجودون في كل العالم وليسوا فقط هؤلاء الذين ينتظمون في الحلقات والأسر الاخوانية من الذين يمكن التحكم في تصرفاتهم وتصلهم بالتأكيد رسائل وقرارات القيادة التوجيهية كما يحدث اليوم في مصر الكنانة .ولذلك على الجماعة مسؤولية فكرية رئيسية في تنقية كتب بعض كتابها من بعض الدخن فيها وتعلن للعامة والخاصة في بيان فكري سياسي صريح تعلن فيه تخليها عن بعض الاجتهادات الفردية لبعض الكتاب المحسوبين عليها من الذين ورطوا الجماعة من حيث لم يشعروا في تضليل مواقفها وارائها في قضايا كانت واضحة لديها مند التأسيس .
ان موضوع استخدام القوة والخروج على الحاكم والجهاد والخلافة لم يشبع بحثا وفحصا وضبطا لدى المفكرين الاسلاميين بما يجعل شباب الحركة الاسلامية يقتنع بان ماتفعله الانظمة من قمع للحريات واستبداد وظلم ومصادرة لحق الشعوب في اختيار الحكام وتقهقر برامج التنمية واتساع جيوب البطالة والفقر وغياب الدولة عن تلبية مطالب المجتمعات وضعف التعليم وغلبة مشاريع علمنة المنظومات الاجتماعية ،يتطلب عملا سلميا وليس عنفيا ،أن دور العلماء والمفكرين والدعاة في هدا المضمار أضحى ضعيفا ولا يكاد يوازن حجم ما تفعله وسائل الإعلام والدعاية في تشويه الفكر الإسلامي الصحيح والسليم ،ونشر الرذيلة وتعميم صورة علماء البلاط الدين للأسف يساهمون مساهمة كبيرة في تشجيع التفكير العنفي بشعور وبدون شعور منهم .
وندعوا بمناسبة هذا البحث كل المفكرين والعلماء والدعاة إلى عقد مجامع فقهية وفكرية كبيرة يكون موضوعها الإعلان من مراجعات كبيرة في تصحيح المفاهيم التي أدخلت على مفاهيم رئيسية للدين الإسلامي صار بها هذا الأخير متعها في صناعة الموت والدمار في العالم بل وصار ذلك ملمحا أساسيا تصنع منه السياسات الدولية التي تريد الهيمنة على العالم الإسلامي من خلال مشاريع غامضة تستخدمنا في عملية التدمير الذاتي العملاقة التي ستعيد مشروع التقسيم ليس بالحملات العسكرية ولكن بأيدينا وسلاحنا وأموالنا ودمائنا للأسف الشديد .
ونشير هنا إلى ان فكر الاخوان المسلمين يعتبر القاعدة الأساسية للمعالجات الحقيقية لهذا الموضوع في العالم العربي والاسلامي وهو مايجب ان تتعاطى معه الانظمة الحالية بعمق وجدية وتغتنم فرصة وجود هدا الفكر في بلادها للتحالف معه من اجل محاصرة الفكر الداعشي العنفي الارهابي الذي تستخدمه المخابر الغربية في تدمير ماتبقى من حياة في العالم العربي والاسلامي على اعتبار ان فكر الاخوان المسلمين ضمانة أساسية لاستقرار المنطقة ،وهو ما اهتدت إليه السعودية عندما هدد استقرارها الحوثيون في اليمن فتحولت من دولة حليفة للثورات المضادة الى التحالف مع التجمع اليمني للاصلاح والانفتاح على قيادة حماس في فلسطين ،وهما فصيلين معروفين بالفكر الاخواني،ومن جهة أخرى فان ممارسات الاخوان في البلدان التي تعرف صراع على السلطة تنزع دائما الى الحوار والتوافق كما أنها إذا استخدمت السلاح فانها تستخدمه في صالح الأوطان وليس ضدها ،والنموذج السوري واليمني والليبي وحتى العراقي شاهد على ذلك ،كما ان حرص اخوان مصر على عدم إدخال مصر في أتون الارهاب والعنف والتحكم في حركة التثوير ضد الانقلاب وسلمية الاحتجاجات بعد عامين من الانقلاب رغم زيادة تعداد القتلى والمعتقلين والمفقودين والسجناء بدون محاكمات عادلة الدين بلغ عددهم الأربعين ألف في مقابل الغطرسة والتوحش وسياسة الاستئصال التي يمارسها قادة الانقلاب في مصر الا ان حكمة وعمق الفكر السلمي للاخوان مازال يضبط ساعته على التغيير السلمي غير الاستسلامي طبعا ،وهو درس بليغ الى كل الانظمة التي تضع الجماعات الاسلامية في سلة واحدة وقد اثبت الاخوان في مصر وشبابهم ونسائهم رغم الجراح والألم انهم اقدر الى التمييز بين التغيير السلمي المستمر والانجرار الى ساحات العنف بالرغم من وجود مبررات تكفي لإدخال مصر في أتون إرهاب تدميري لا سمح الله .
فقراءة المسار التاريخي لاغلب مواقف قيادات الاخوان على مستوى كل الاقطار التي تتواجد فيها يدرك بما لايدع مجالا للشك ان الوطنية وحب الاوطان يدخل في صميم فكر وعقيدة الاخوان المسلمين فهم خلال الثورات التحريرية من الاستعمار في اغلب الدول العربية المستقلة كانوا في قلب المقاومة ودعم واسناد المقاومين ،وعندما استولت روسيا على ارض اسلامية في افغانستان كانوا في قلب التحرير ولما اخرجوا هم والمسلمين في افغانستان الدب الروسي كما كان يسمى انذاك تركوا ارض المعركة راجعين الى بلدانهم سيما لما دخلت افغانستان في الخرب الاهلية بين فصائل الثورة او الجهاد ،ولما احتلت العراق كان الاخوان في قلب المقاومة للمحتل الامريكي كما كان لهم حضور سياسي مميز في انقاد مايمكن اتقاده وموقفهم اليوم من داعش معروف ومشهود في العراق ،كما انهم كانوا في قلب معركة فلسطين ضد الكيان الصهيوني الغاشم يقومون بالواجب مكان الامة جمعاء وقد اعطوا الدرس البليغ في المقاومة والتفاعل السياسي والاحتكام الى قواعد التفاوض والديمقراطية على السواء ،كما ان الاخوان في ليبيا يقعون اليوم في قلب معركة التحرير والحوار يدافعون عن اوطانهم بكل مايملكون ويجنحون الى السلم والحوار كلما سنحت الفرصة وهم كذلك في سوريا واليمن اما عن الموقف في تونس فهم نموذج في تحقيق التوافق الوطني وتمكين نموذج الديمقراطي من الرسوخ ،اما في الجزائر فقد كانوا سابقين الى التمييز بين الاسلام والارهاب والمقاومة وشكلوا اسمنتا رئيسيا في الحفاظ على نسيج المجتمع ومؤسسات الدولة من الانهيار وقدموا في سبيل ذلك العرق والدم وما تزال مصلحة الوطن عندهم مقدمة على كل المصالح وضربوا اروع الامثلة في الوطنية والمواطنة على السواء وهكذا هو فكر الاخوان الاصيل يحافظ على اللحمة الوطنية ويقاوم الاستبداد والظلم والطغيان في رواق يوازن بين الحق والواجب وبين استقرار الاوطان والتغيير السلمي السلس الذي يحقق التنمية والعدل ودولة الحق والقانون وعليهم ان يتمسكوا اليوم بهذا المذهب السياسي والفقهي والشرعي ويعلموا ويدربوا انصارهم عليه مهما بغت عليهم الانظمة والجماعات المتطرفة على السواء .
كما يمكننا استخلاص نتيجة اساسية مفادها انه ورغم التسويق الاعلامي لصورة ذهنية عن الاخوان انهم يمثلون خطرا على الانظمة الفاسدة في العالم العربي الا ان هذه الصورة الذهنية هي صورة كاذبة ودعائية ولا تعبر عن الحقيقة الفكرية ولا السياسية التي تميز سياسات وممارسات الاخوان المسلمين في كل الاقطار ،ولعل قراءة ردود فعل ومواقف الجماعات السلفية الجهادية من فكر الاخوان يدل من جهة اخرى على ثبات ذلك الفكر وهو ماتدل عليه المراجعات التي قام بها هؤلاء في مصر وليبيا ،الذين يتهمون الاخوان بشتى نعوت الانحراف والضلال الفكري تشترك للاسف الشديد في هذه النظرة بعض مخابر الانظمة العربية التي لم تدرك الى اليوم ان وجود فكر اخواني في الاقطار العربية ضمانة استراتيجية لاستقرار هذه الاقطار سيما اذا استقرت الحياة السياسية على معايير ديمقراطية سليمة تضمن الحد الادنى من التمثيل الجماهيري في اختيار الحكام على كافة المستويات المحلية والمركزية وتستقيم طبعا تلك الانظمة على قاعدة خدمة البلد وانقاذ الاوطان من مشروع التقسيم والتدمير المتوقع والذي بدات مؤشراته بل وبرامجه في بعض الاقطار بمساهمة طبعا من هذه الانظمة شعرت او لم تشعر وخططت او لم تخطط .
لكن على الاخوان المسلمين بما يملكون من تجربة وخبرة ورصيد نضالي وتاريخ سياسي ان يسارعوا الى المساهمة في عملية التجديد الاسلامي المقبل على كافة المستويات ،ولعل الانتشار السريع للفكر الداعشي بايادي غربية واضحة وعيون زرق سيساعد على تسريع عملية التجديد الاسلامي المنتظر ،أي نعم لسنا اصحاب فكر مهدوي ننتظر المهدي كما تفعل بغض الطوائف ولكن الله جعل سنة التجديد على راس كل قرن يجدد فيه الدين ليس اضافة ايات وسور جديدة للقران او اعادة ترتيب سوره بل بتجديد الفهم للنصوص وصياغة جيل النصر المنشود الذي يعرف دينه بحق ويمارس تدينه على الطريق السليم ،فالامة اليوم تنتظر من النخبة المفكرة في الحركة الاسلامية وفي قلبها الاخوان المسلمين نظرة جديدة تخلصها من كابوس الانقسام والتفكيك والتدمير المبرمج ،من خلال صياغة رؤية جديدة متجددة تعيد الامة الى رشدها وخيريتها وتواجه بها المشروع الغربي المنافس بل والمستغل لقدرات وخيرات الامة ،وهو دور اضطراري وليس اختياري للنخبة اليوم .
ونحذر في الوقت نفسه من استنساخ تجارب الماضي الفاشلة التي نعرف نتائجها مسبقا على اعتبار ان الانجاز هو الدي يتحكم في في سلوك الحركة الاسلامية فالثورة الايرانية في نهاية سبعينيات القرن الماضي غيرت الكثير من القناعات وثورات الربيع العربي ايضا احدثت ضغطا مركزا في فكر بعض الدعاة والعلماء والمفكرين ونتائجها اعادت الجميع الى نقطة الانطلاق والتقييم والتقويم ،الذي سيدخل النخبة المفكرة في حلقات جديدة من التفكير والتعليل والفك والتركيب ثم الخروج على الامة برؤى وبرامج ومشاريع من شانها ان تعالج كل الاشكالات المطروحة اليوم على طاولة النقاش في فضاءات النخبة من ابناء الحركة الاسلامية ،وهو نفس المسار ينبغي ان تسلكه التيارات العلمانوية التي تحكم بلادنا باسم العلمانية الشاملة سواء تلك العلمانية التي تقف على افكار غربية معادية للدين ومانعة له من ان يساهم في التنمية وترقية شؤون الحياة او تلك النخب التي لم تختار العلمانية الشاملة بل اختارت العلمانية الجزئية ولكنها في حرب معلنة مع حركات الاسلام السياسي التي مطلوب منها اليوم ان يكون لها موقف صريح وجريء من العلمانية الجزئية لانها الاقرب لتجسيد مشروع الامة المتوافق عليه بغقد سياسي جديد تكون فيه قواعد اللعبة السياسية واضحة ومحترمة في تنافس سياسي حقيقي على البرامج والرجال بعيدا عن الاحتكارات السياسية للدين او الوطنية او العروبة او السلطة او الحرية والديمقراطية او التوظيف غير الدستوري لمؤسسات الدولة وعلى راسها المؤسسات العسكرية ،لقد آن الاوان لحركات الاسلام السياسي التي تتخد من فكر الاخوان مرجعية فكرية وسياسية لها وكدا حركات التيار العلمناوي ان تلتقى على كلمة سواء لترتيب البيت العربي بتوافق فيما بينها في مصالحة تاريخية تنقد الامة من الصراع النكد الدي دام قرابة القرن من الزمن .
واذا كان بحثنا هذا قد اثبت بان الفكر الداعشي لم يخرج من رحم فكر الاخوان المسلمين الذين قاوموه في كل مكان وزمان ،بل وكانوا ضحاياه في معظم الاحيان ،وانما خرج من الفشل الذريع الذي منيت به تجربة انظمة حكمت ولم تحقق تنمية على المستوى الفكري والسياسي والاقتصادي بل سلمت البلاد الى التخلف والتبعية والعمالة احيانا وقهرت شعوبها بالحديد والنار والظلم والاستبداد والتزوير واستغل الغرب ذلك الواقع واستثمر في الضحالة الفكرية لدى بعض شبابها واستخدمهم في مشروع التقسيم الجديد والتفكيك المبرمج بعد استنفاد مشاريع قديمة للغرب في المنطقة ،ولكن المقاومة التي تمتلكها الامة والمناعة التي ميزت سلوكها في كل حين وفي كل مصر وعصر دائما تقف في وجه الهجمات التي تستهدفها في القلب .نعم لم تخرج داعش من رحم فكر الاخوان المسلمين ولكن على هدا الفصيل دور كبير واساسي في انقاذ صورة الاسلام ومشروعه من التشويه والتشويش والتضليل والاستخدام المفرط من خلال الاقدام على مراجعات شجاعة وجريئة لبعض المقولات الاساسية المؤسسة للفكرة الاسلامية الصحيحة والتي تزدان بها اهم كتب الاخوان المسلين وبرامجهم في كل مكان ومن اهم المراجعات المضامين الاساسية في الية التغيير السياسي وكيفية التعامل مع الانظمة الحاكمة في البلاد العربية وعلى راسها المؤسسات العسكرية ثم الموقف من الغرب وفهم عمق العلاقات الدولية وادراك عمق العلاقة بين تصرفات الانظمة وسلوكات الغرب المرتبط بدلك وضبط المفاهيم الاسلامية الصميمة المتعلقة بعملية التغيير والتجديد ومنها مفردات استخدام القوة والجهاد والخلافة والخروج على الحاكم والشرعية .
وحتى لا نبقى نتحدث عن الماضي وتبرير بعض محطاته التاريخية التي أصابها بعض التشويه والتشويش يحسن بنا ان نشتغل على المستقبل واهم مافي المستقبل هو الجيل الجديد الذي ينبغي ان نستثمر فيه فكريا وثقافيا عبر اصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية على كافة مستوياتها وهو ماينبغي ان تنتبه اليه الحركات الاسلامية التي تعتمد التربية والتكوين والتدريب منهجا في الاصلاح والتغيير رغم انها توجهت في الاونة و الاخيرة الى السياسة وطغى فيها السياسي على الدعوي والاجتماعي ،ان المساهمة في صياغة الجيل يعتبر اولوية الاولويات وينبغي ان نعطيه من الاوقات والاموال والخطط ما نستطيع به مواجهة هد الفكر الذي اصبح يهدد نسيج المجتمع ويستغله المنتظم الدولي في مواصلة مشروع الهيمنة ،ذلك ان مستوى من مستويات التجديد في المستقبل هو التاسيس لمؤسسات تعليمية جادة تعمل على بناء التوجهات لدى الاجيال واهم مافي تلك التوجهات فهم الدين وممارسة التدين ،على اعتبار ان التدين حاجة انسانية اساسية ،والناس كل الناس لايتدينون في الاحزاب بل في دور العبادة وهي عندنا المساجد ،فالمستقبل القريب يتطلب ممن يحمل الفكر الاخواني ان يتخصص بعض قادته ودعاته في التربية والتعليم والتوجيه وتصحيح الصورة العامة عن الاسلام وصناعة رموز جديدة مركزية ومحلية يكون همها الرئيسي التربية والتعليم عبر مؤسسات تعليمية واعلامية وشبابية وكشفية محلية فاعلة وجادة بمعايير جاذبة تستطيع التعاون مع المؤسسات الرسمية التي ينبغي عليها الخروج من نمطية التعليم العام والحرص على المساهمة في عملية تجديدية تستهدف الاجيال على مستوى الفكر والمواطنة الصالحة ايضا ،على اعتبار ان مواجهة الفكر الداعشي الذي اصبح ينتشر في اوساط الشباب يوما بعد يوم يتطلب تحالفا مجتمعيا كبيرا يكون في قلبه الدعاة والعلماء والمعلمين والمفكرين من مدرسة الوسطية والاعتدال.
كما ان مسار ارتباط ماهو دعوي بما هو سياسي اصبح على مستوى الممارسة يشوش على الرؤية العامة للممارسة السياسية الجادة لدى الراي العام واصبح من الضروري بل من الاضطراري الدخول في مسار التمييز الوظيفي في مجالات العمل باستقلالية عملية تعيد الكثير من الكفاءات والقدرات المجتمعية ذات المستوى العالي والتي غادرت ساحات العمل لاسباب سياسية او تنظيمية ،على اعتبار ان مسار التمييز الحاسم بين ماهو سياسي وماهو دعوي اصبح امرا مطلوبا ومثابة من مثابات التجديد في هذا القرن ،وعلى مدرسة الاخوان المسلمين ان تتخلى عن خاصية الشمولية في الفكر والعمل لصالح الشمولية في الفكر والتخصصية الوظيفية في العمل والممارسة وتحرر طاقاتها الكامنة لتأخذ مكانها الطبيعي في ساحة التخصص العملي المستقل في القرار طبعا ،وتمارس عملية التجديد والتصحيح والترقية لمواجهة تيار التكفير والتطرف والتدعيش المبرمج وكدا تيار التيئيس والتخويف والعلمنة والفساد، وهي قضية تتطلب كما قلت تحالفا مجتمعيا واسعا يتجاوز التنظيمات الى المجتمع لان آفة الارهاب والعنف والتطرف والتشدد والاستبداد والظلم والفساد أصبحت تشكل تحديا كبيرا امام تقدم الامة وتطورها ،وعلى تيار الوسطية والاعتدال الذي تمثله القيادات الاخوانية في كل قطر ان تقوم بذلك بغض النظر من موقف الأنظمة منها صراعا او تنافسا وان لا تعتبر ذلك وظيفة سياسية او حزبية بل تنتدب من قياداتها وأبنائها من يقوم بهذا الواجب الاسلامي بدون ان تطلب من ذلك جزاءا ولا شكورا ،على اعتبار ان ترك الساحة الاسلامية دعويا واسلاميا لتيارات السلفية الجهادية او تيارات الطرقية الزائفة هو تولي يوم الزحف الأكبر ،كما ان البحث عن تحالفات مع تيارات الصوفية الايجابية وتيارات السلفية المستنيرة وربط العلاقة مع مؤسساتها أمر مطلوب بل استراتيجي بالنسبة لمشروع الأمة في الانعتاق من الهيمنة الثقافية وحتى الدينية التي تستهدفنا عبر المشاريع العابرة للقارات والديانات.
انتظروا الكتاب كاملا بصيغة pdf وفي المعرض الدولي للكتاب 2015.
تعليقات الزوار ( 0 )