الرئيسية مقالات أ. فاروق أبوسراج الذهب الأصل الثاني : الفرصة السياسية وتراكمية الانجاز (01)

الأصل الثاني : الفرصة السياسية وتراكمية الانجاز (01)

كتبه كتب في 5 يوليو 2022 - 12:14 م
مشاركة

نتجدد معا … ننهض معا

شرح الأصول السياسية العشرون

الأصل الثاني : الفرصة السياسية وتراكمية الانجاز (01)

 

نص الأصل الثاني : التطبيق الذكي لنظرية اغتنام الفرص ورفض ثقافة الكرسي الشاغر ،والكرسي الشاغر هنا لا يعني بالضرورة قبول عروض الأنظمة مهما كانت تكلفتها،بل نقصد عدم إعطاء فرصة للتغييب والتهميش،ومالايمكن ضمانه بالوسيلة السياسية قد يكون متاحا بفضاء مجتمعي ،وقد يسع الفرد مالا يسع الجماعة، فالسياسة هي فن وفقه الممكن وليست إرادة تحقيق الكل أو اللاشيئ،فهي تراكمية الإنجاز لايتحقق فيها النصر بالضربة القاضية بل بالنقاط في كل جولة ،وصولة الحق التي نملكها ونتقنها لا تغني عن ضرورة قطع مسيرة التغيير خطوة خطوة فالقفز العالي على الحقائق قد يقود الى الرجوع الى نقطة الانطلاق أو يرمي في اتجاه الفراغ والمجهول .

 

يعتبر هذا الأصل منطلقا أساسيا في التفاعل السياسي على قاعدة الفرص السياسية المتوفرة للقيام بعملية التدافع السياسي الايجابي الذي يؤدي إلى تراكم التجربة وتماسك حلقاتها في توليفة تراكمية تتيح تحقيق الكفاءة والفاعلية السياسية المؤدية حتما إلى انجاز سياسي واقعي  ومرئي يشاهده الناس فينشئ القناعة التي تقود نحو التبني المستدام للفكرة والمشروع  وتسند الرموز التي تتمثل تلك القيم والمبادئ وتجسد إستراتيجية الحفظ  والمحافظة المقاصدية انطلاقا من مدخل القيم الذي أصل له المفكر سيف عبد الفتاح ،بأضلاعه السبعة “مدخلا سباعيا” تتكامل عناصره في بيان حقيقة الرؤية العمرانية والاستخلافية وأدوارها المكينة في صياغة وتشييد رؤية العالم من هذا المنظور متكاملة عناصره منفتحة آفاقه في حركة الوعي والسعي والنهوض والتغيير وهي : عناصر العقيدة الدافعة، وحقائق الشرعة الرافعة، وأصول القيم الحاكمة، وسياقات الأمة الجامعة، وشروط الحضارة الفاعلة، وارتباطها بقوانين السنن القاضية التي تشكل الوعي وجملة عناصره، وأخيرًا سياق المقاصد الحافظة للفعل وقيمته وحركته والحاضنة لإمكانات وقدرات الفاعلية، إننا هنا أمام عناصر قيمة المنهج وحجيته، وقيم الأصول ووظيفتها التأسيسية والمعيارية، وقيمة التاريخ عمرانيته وحضارته وعبرته، وقيمة الفكر في فاعليته، إننا أمام عناصر ذات أربعة أركان تشكل مجالات اهتمام (المنهج القيمة وقيمة المنهج)، (قيمة الأصول وأصول القيمة)، (قيمة التاريخ وحضارية القيمة)، (قيمة الفكر، وفكر القيمة)، إنها جملة من الأركان والمجالات التي تحقق عناصر التأصيل والتفعيل والتحريك والتشغيل.

وهذا الأصل يتضمن خمسة أبواب لاهتبال الفرصة السياسية وتجديدها وإعادة صناعتها والاستعداد الواعي لاستقبال غيرها  على قاعدة من الذكاء والدهاء السياسي المطلوب  في سياق واقع محلي وإقليمي ودولي يكتنفه التداخل والتشابك والغموض ويتعامل مع الحركات السياسية الجادة بمنطق الاستخدام والاستثمار والتوظيف والتوريط ،حيث لا يصلح معه نمط التفكير القيادي التتابعي المغلق بل يقابله نمط التفكير القيادي التشابكي المفتوح.

وحتى يتم تفسير هذا الأصل وتيسير فهمه سنمر عبر خمسة أبواب مفتوحة على بعضها وهي باب الفرصة السياسية والدهاء السياسي وباب اغتنام الفرص وعدم القابلية للتهميش والتغييب ،وباب يسع الفرد مالا يسع الجماعة وباب تراكمية وشرعية الانجاز وباب الرؤية والاجيال القيادية.

ويحسن بنا في بداية شرح هذا الأصل الرافع والدافع أن نؤكد بان المفاهيم والأفكار في حياة الإنسان ستبقى هي أهم عوامل نجاحه وتوفقه وتميزه ، وتظل كذلك هي سبب فشله وتأخره وضياعه،وكل من يريد النجاح عليه أن يعمل على تحسين مفاهيمه وآليات تفكيره ، ويمكن بعد ذلك أن ينفر من على ظهر الأرض كأنجح مخلوق.

“فالحياة فرصة” هي  أحد المفاهيم المهمة التي نحن بحاجة إلى فهمه ، وتحقيقه واقعاً في مسيرة الواحد منا، وهو مفهوم إعتنقه بعض السلف فرحلوا به إلى جنان الخلد عند رب العالمين تنفيذا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ” وحياتك قبل موتك” في الحديث المشهور الذي بدا بكلمات اغتنم خمسا قبل خمس  .

إن هذا المفهوم يجعلنا نعمل في الدنيا وأعيننا أكثر انفتاحاً على الدار الآخرة ، وعقولنا أكثر إدراكاً لمعنى الفرصة في الحياة ، وقلوبنا كذلك ينبغي أن تكون أكثر انفتاحاً لهذا المعنى ، وإقبالاً على آثاره في الدنيا قبل الآخرة ولا يمكن التفاعل الايجابي مع فرصة الحياة إلا إذا أدركنا أن هناك قوانين كونية خلقها الله الكل فيها سواسية المسلم و الكافر و الصغير و الكبير و …الخ،فمن وافق سنن الله الكونية نال ما تنص عليه و من حاد عنها لن يجد ثمرتها .و من هذه القوانين :قانون الوفرة الذي ينص على أمرين مهمين هما :أن  الكون مليئ بالفرص و عطايا الله،وأن اتجاه هذه الفرص إلينا فلولا صد الإنسان لها لعاش منعما مكرما لأنه في الأصل الكون مخلوق و ميسر لنا.

وإذا كان لابد للممارسة السياسية أن تستند إلى المرجعية الإسلامية، فإن المجال الذي يشتغل عليه السياسي يبقى محكوماً بمنطق المجال الذي ينتمي إليه، وهو مجال يتميز بصراع القوة والمصلحة مع تنافسية البرامج (شرعية الإنجاز)، والتي كلها محسومة اجتهادياً وليس نصياً، لذا فالتأسيس للمنافسة ضمن السياق الحيادي للدولة بقدر ما هو مرتبط بتوازنات القوى إلا أنه لابد من إعطاء الأولوية لشرعية الإنجاز كمحدد أساسي في هذا الصدد، البقاء كنموذج جذاب يستلزم تطوير أجندات تخصصية لها قابلية للمنافسة ضمن السوق السياسي الموجود، قد تحفظ لها خصوصيتها ولكن في نفس الوقت تتشابك بشكل خاص مع تحديات سياقها المجتمعي. هنا تتحدد قوة الأيديولوجية لدى الفاعل السياسي ليس في عمقها وبنيتها الفكرية فقط، بل في استدعاء والتبشير بنماذج جاهزة، وقابليتها لجلب التأييد من طرف الناخبين  وإقناعهم بجدوى مشروعها كقوة طرح عقلانية وبديلة للواقع المتأزم. بعبارة أخرى تتحدد قوة الفاعلين السياسيين في التأسيس للفعل السياسي الآني عبر الممارسات اليومية.

كما إن فهم مسائل السياسة والحكم من زاوية المعارضة يختلف عنه عند النظر إليه من داخل السلطة ، حيث يسود منطق التأثير والنفوذ، وعليه شكّل المنطق السياسي لعملنا نموذجاً مختلفاً نوعاً ما للمشاركة السياسية كاستراتيجية شاملة  آخذاً بعين الاعتبار نوعية النظام السياسي ومؤسساته، بالإضافة إلى درجة انفتاحه او انغلاقه. لذا يقتضي التأسيس للممارسة السياسية من منظور حضاري الأخذ بعين الاعتبار منطق الصعود والتراجع بدلاً من المنطق الأحادي الساعي إلى تأسيس نظرية بديلة للدولة والحكم أو في حده الأدنى السعي إلى احتكار السلطة في حالة الوصول إلى الحكم.

حاجتنا إلى الذكاء والدهاء السياسي :

لقد أصبحنا بحاجة إلى “الذكاء السياسي” (PQ) لتحقيق التقدُّم في المستقبل، والذي يُعدُّ مهارة تؤهِّلنا  للتفاعل والمدافعة والمرافعة وصياغة الشراكات والتحالفات بما يوفر لنا فرصا جديدة للتقدم نحو تحقيق الهدف بأقل تكلفة وفي وقت سريع وفق نموذج النمو السريع ،وهو ما يتطلب وجود القيادة الاستراتيجية باعتبارها أداة قوية، تكون مستعدة لتقبل كل التغييرات التي تعترض طريقها وتتسبب في بعض الفوضى وتتعامل معها ؛ بامتلاكها وجهة نظر منفتحة، فهي تحتاج إلى تقبُّل التحولات التي تطرأ تدريجياً على العمل  ولا تسمح للتقلبات والأعراض الجانبية  بالتأثير على مسارها؛ وقد يبدو هذا النوع من القيادة فوضوياً من المنظور الخارجي، لكنَّ المرونة في التعامل أمر حتمي لأنَّها الطريقة الوحيدة لتحمُّل التقلبات والتغييرات التي تواجهنا في العمل فنموذج القيادة هذا ليس معادلة بسيطة، ولا يوجد نموذج إرشادي يمكننا إتباعه من الألف إلى الياء؛ ومع ذلك، فهي إحدى الاستراتيجيات الوحيدة الناجحة، على أن تشمل ثلاث مجموعات فرعية، وهي: القيادة الموثوقة، والقيادة التشاركية، والقيادة التفويضية التي  تتبنَّ فكرة التوقف المؤقت،وتعترف بانحيازها الضمني وتتبنى فكرة التقدم لا المثالية،وتعرف أيضا حجم كفاءتها لتحقيق الأهداف المعلنة كما تقيس باستمرار نسبة انخفاض القيمة لتتمكن من إدارة السمعة والرمزية السياسية.

يقول مؤلفا كتاب “القيادة والذكاء السياسي: كيف يحدِّد الذكاء السياسي القادة الناجحين”  إنَّ العمل الفعَّال يتطلَّب من القادة في مؤسسات القطاعين الخاص والعام مهارات جديدة؛ إذ لم يَعُد معدل الذكاء المعرفي والذكاء العاطفي كافيين؛ بل أصبح هناك حاجة إلى نوع جديد من القدرة القيادية، وهي الذكاء السياسي (PQ)، والذي يُعرِّفه المؤلفان على أنَّه “قدرة القادة على التفاعل تفاعلاً استراتيجيَّاً مع عالم تتقاسم فيه الأعمال الحكومية والمجتمع بمفهومه العام السلطة لتشكيل المستقبل في الاقتصاد العالمي”.فلم يُعد الذكاء المعرفي والذكاء العاطفي كافيين؛ حيث تتطلَّب القيادة الآن ذكاءً سياسياً (PQ).،ويُعدُّ هذا دليلاً عملياً للتنقُّل في المثلث الذهبي الذي يضم الشركات والحكومة والمجتمع، والذي يقدِّم في جوهره نموذجاً مقنعاً لتطوير القادة والمنظمات بناءً على خمسة جوانب: المستقبل، والسُّلطة، والتعاطف، وفهم الغاية، والتنوُّع. واذا كان هذا مطلوبا للشركات والحكومات فهي لاهل السياسة أوكد وأكثر مطلوبية.

كما يتطلب استقبال الفرص السياسية وتسيير الازمات التي قد تكون في بعض الاحيان غامضة وفاتنة و تقبل عدة احتمالات إلى الدهاء السياسي الذي يقود – كما قال العالم الجزائري حسين خضر- إلى جودة الرأي التي تمكن السياسي من أن يدير نظاماً، أو يكشف عن وجه قضية بأسلوب لطيف، فغير الداهية ينبذ إلى الباطل على سواء؛ فتكون الحرب بينهما سجالاً، والداهية ينصب له المكيدة، فيقع كما يقع الأسد في الحفرة العميقة، ومن لم يكن داهية لا يمشي إلى الغرض إلاَّ على خط مستقيم، فإذا اعترضنه عقبة كؤود وقف في حيرة أو رجع على عقبه يائسا، والداهية يسير في خط منحن أو منكسر ولا يبالي بطول المسافة في جانب الثقة بإدراك الغاية المطلوبة.حيث يقوم الدهاء على فطرة الذكاء التي هي سرعة تصور المعاني الغامضة، وسهولة نفوذ الفكر إلى المقاصد الخفية.والإفراط فيه الذي يعد عيبا في صاحب السياسة إنما هو اختطاف صورة الأمر أو النتيجة من غير تثبيت في مأخذها، أو إحاطة بكنهها؛ إذ الشأن فيمن تضرب أشعة فكره في المعاني البعيدة أول ما يلتفت إليها لا يطيل البحث عن أسرارها أو يستوفي النظر إلى آثارها.

فمن لم ينظر في الشؤون العامة بفكر ثاقب، ضاع من بين يديه كثير من المصالح، ووقع في شراك الخداع والمخاتلة، وكم من أمة قضى عليها بله زعمائها أن تعيش في هاوية الذل ونكد الحياة. وإنما استقام ظهر الخلافة لعهد عمر بن الخطاب؛ لأنه كان – مع سلامة ضميره وصفاء سريرته – نافذ البصيرة في السياسة، بعيد النظر في عواقبها. قال المغيرة بن شعبة: كان عمر أفضل من أن يخدع، وأعقل من أن يُخدع.

ويواصل العالم خضر حسين قوله : فالسياسة فنون شتى، والبراعة في كل فن تكون على حسب الأخذ بمبادئه، والدّربة في مسالكه، فهذا خبير بسياسة الحرب، وبصيرته في السياسة المدنية عشواء، وآخر يدير القضايا، ويجري النظامات بين الأمة في أحكم نسق، فإذا خرجت به؛ ليخوض في صلة أمة بأخرى ضاقت عليه مسالك الرأي، وتلجلج لسانه في لكنة، وربما جنح إلى السلم والحرب أشرف عاقبة، أو أَذّن بحرب والصلح أقرب وسيلة إلى سعادة الأمة؛ فلا بدّ للدهاء في فن سياسي من الوقوف على شيء من سننه، إمّا بتقلب الإنسان في الوقائع بنفسه ومشاهدته لها عن رؤية عين، وهي التجارب الملوّح إليها بقول أبي تمام:

من لم يقد ويطير في خيشومه … رهج الخميس فلن يقود خميسا

أو بتلقيها على طريق النقل، كدراسة فن التاريخ، أو الكتب المؤلفة في ذلك الفن من السياسة خاصة.ولا يملك مزية الدهاء في السياسة، إلا من كان في استطاعته كتم تأثراته النفسية من غضب وسرور، ومودّة وبغضاء، ولهذا يقول الأدباء: إنّ أحكم بيت قالته العرب:

ولربّما ابتسم الكريم من الأذى … وفؤاده من حرّه يتأوّه

فأناة الرئيس ورصانته هي المنبع الذي تسقى منه الأمة حرية الفكر، والسلّم الذي تعرج منه إلى الأفق الأعلى من الأمن والسعادة.

نظرية الفرصة السياسية :

تعنى الحركات الاجتماعية والسياسية  بالمقام الأول بالعمل الجماعي الذي ينم عن شكل أو صيغة من صيغ العمل الجماعي أكثر منه إلى القيم التي تحملها هذه الصيغة حيث ورد في دراسة نظرية للدكتورة ناهد عز الدين حول “مفهوم هيكل الفرص السياسية “أن العمل الجماعي السياسي يقوم على فرضية أن الجماعات تنشأ، وتتحد خصائصها، وتصنع قراراتها وتنجح وتفشل؛ نتيجة لفرص معينة يلعب التغيير في أبعاد النظام السياسي القائم دورًا حاسمًا في وجودها أو غيابها. ويتحدد أي عمل جماعي بثلاثة عوامل أساسية وهي: أولًا، الوسائل المتاحة وهي مجموعة البدائل العملية المتوافرة، والتي تختار من بينها الحركة أو المنظمة إستراتيجيتها للتأثير.وثانيًا، القيم وهي المنطلقات الإيديولوجية التي تحكم عمل الحركة أو المنظمة.فالإيديولوجيا هي الإطار الفكري لبرنامج وإستراتيجية وعمل الحركة، وعادةً ما تشتمل على إعادة تفسير التاريخ وربط الناس بالحركة وإسقاط نزعات الفشل والدعوة بنجاح الحركة . وثالثًا، الشروط البيئية وهي الظروف المحيطة بالحركة والتي لا تستطيع تعديلها وليس أمامها سوى التكيف معها إما باستغلال ما تتيحه من موارد أو ما تفرضه من قيود،وهي ما يصفها المحللون السياسيون بهيكل الفرص السياسية.

وكون الحركات السياسية  والاجتماعية توجد ضمن مجتمع معين، لذلك يجب تحليلها ضمن السياق الموجودة فيه، ومن ضمنه السياق الثقافي للمجتمع الذي من خلاله يفسر ويفهم المواطنين العالم الذي يعيشون فيه . لذلك عند دراسة نشأة ونجاح الحركات من الصعب فصل دور المكون الثقافي والمكون البنيوي، فإن النجاح في التعبئة البنيوية يعتمد إلى حد كبير على الثقافة وعلى استغلال الواقع البنيوي، فالأطر الناجحة تستند على قدرتها لتسليط الضوء على الظلم بطرق ذات مغزى ثقافي.

وعليه تحتاج نظرية الفرصة السياسية إلى توافر عنصرين أساسين وهما: الحركة الاجتماعية والفرصة السياسية. فإذا كانت الفرصة أداة للتغيير السياسي فإن الحركات هي التي تخلق هذه الفرصة ،إلا أنه في بعض الأحيان قد لا تحتاج الفرصة السياسية إلى حركة لخلقها فقد توجد نتيجة للتغيرات التي تطرأ على النظام السياسي، ولكن قد تختلف الحركات في قدرتها على اقتناص واستغلال هذه الفرص.

فالفرص السياسية ليست ثابتة لجميع الحركات، وإنما تختلف من حركة إلى أخرى، إضافة إلى أن الفرص السياسية لا تمتلك نفس الأهمية للحركات الاجتماعية فهي تختلف وفقًا لخصائص الحركات،وقد تختلف من وقت لآخر حتى للحركة نفسها.إلا أن الفرصة السياسية لا ترتبط بخصائص الحركة فقط، وإنما ترتبط بالدولة والسياق البيئي المحيط بها، وتحالفات النخب، وتحيز الدولة لجماعات معينة، ومدى انفتاح النظام السياسي أو انغلاقه . فالمتغيرات الخارجية (السياق الدولي) لها دور في خلق الفرص؛ لذلك يجب أخذها بعين الإعتبار عند دراسة التغير في هيكل الفرص السياسية. فهيكل الفرص السياسية ضمن متغيرات البيئة الداخلية ما هو إلا نقطة بداية للعمل الجماعي في مراحله الأولى والذي ما يلبث أن يتأثر في مراحله التالية بالمتغيرات الخارجية التي تتمثل بالسياق الدولي .

  • وعليه فإن هيكل الفرص السياسية معرض للتغيير من وقت لآخر نتيجة للتغير في العملية السياسية، والذي بدوره ينعكس على الجماعات التي تنشأ ضمنه، فتصبح هذه الجماعات عرضة للتغيير في أساليبها وممارساتها، فقد تستخدم سبل العنف والتمرد، أو الإضراب والاحتجاج السلمي، أو قد تحمل سمات التنظيم والمؤسسية كرد فعل على التغيير في الفرص المتاحة أمامها.أن الحركة أو الجماعة يمكن اعتبارها حركة تأثير وتأثر في نفس الوقت، فإما أن تقوم بالتأثير وتغيير هيكل الفرص لصالحها أو أن تتأثر بالتغيير الحاصل في الهيكل وتتغير بناءً عليه.
  • فنظرية الفرصة السياسية، وتُعهد أحيانًا أيضًا بنظرية السيرورة السياسية أو بنية الفرصة السياسية هي مقاربة لحركات اجتماعية شديدة التأثر بفهم الاجتماع السياسي. تحاجج بأن نجاح الحركات الاجتماعية أو فشلها يتأثر بصورة رئيسة بالفرص السياسية.

ونظرية “العملية السياسية”  وتدعى أيضًا باسم “نظرية الفرصة السياسية” ، تقدم شرحًا للظروف والعقلية والأفعال التي تجعل الحركة الاجتماعية ناجحة في تحقيق أهدافها. وفقا لهذه النظرية ، يجب أن تكون الفرص السياسية للتغيير موجودة قبل أن تتمكن الحركة من تحقيق أهدافها. بعد ذلك ، تحاول الحركة في نهاية المطاف إحداث التغيير من خلال البنية والعمليات السياسية القائمة.

وتعتبر نظرية العملية السياسية (PPT) النظرية الأساسية للحركات السياسية و الاجتماعية وكيفية حشدها (العمل لإحداث التغيير).حيث تحدد خمسة مكونات أساسية كمعايير لنجاح أو فشل الحركة السياسية: الفرص السياسية ، وحشد الهياكل ، وتأطير العمليات ، ودورات المحاججة ،و ذخيرة مثيرة للنزاع،ووفقًا لـ PPT ، عندما تكون كل هذه العناصر موجودة ، من الممكن أن تكون الحركة السياسية والاجتماعية قادرة على إجراء تغييرات في النظام السياسي الحالي الذي سيعكس النتيجة المرجوة.

يتبع …/………..

تعليق