الرئيسية أخبار كلمة رئيس الحركة في الوقفة المناصرة للقدس الشريف

كلمة رئيس الحركة في الوقفة المناصرة للقدس الشريف

كتبه كتب في 18 سبتمبر 2015 - 1:48 م
مشاركة

الوقفة لمناصرة القدس الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهن

أيها الإخوة الأفاضل أيتها الأخوات الفضليات، السادة والسيدات الصحفيون والصحفيات،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

كنت أود ان أكون حاضرا في هذه الوقفة التي تقفونها تعبيرا عن الرفض والغضب والتجند دفاعا عن المسجد الأقصى، غير أن التزامات أخرى خارج الوطن تندرج ضمن نفس المقصد لحشد قوى الأمة نحو قضاياها الحيوية منعتني من ذلك.

أيها الإخوة والأخوات، إن هذه الوقفة هي الحد الأدنى الذي يتطلبه منا الواجب في وجه الاعتداءات الصهيونية ضد مسجدنا المقدس وقبلتنا الأولى وأرضنا المباركة. إن المؤامرة اليوم عن المسجد الأقصى بلغت مداها، وهي في مراحلها الأخيرة الرامية إلى تفريغ المسجد من رواده، والمصلين فيه، والمرابطين به، تمهيدا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، مرورا بمحاولات التقسيم الزمني والمكاني. إن هذه التهديدات تتجه نحو ضرب ديننا وعقيدتنا ورمز وحدتنا، وهي في نفس الوقت تريد أن تكسر إرادتنا وتجعلنا مستسلمين وخاضعين نتحمل كل أنواع العدوان والاستلاب، ليس للصهاينة فقط بل لحلافائهم الغربيين وعملائهم من مسوخ العرب وأشباه المسلمين.

إن المؤامرة قديمة عميقة جذورها، كادت أن تفتضح وتندثر بهبة الشعوب العربية لأخذ مصيرها بيدها من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة، غير أن الانقلاب على إرادة الشعوب بالثورات المضادة التي خطط لها بعض الأنظمة العربية في بلدان الخليج، وشجعها البعض وتواطأ معها، وساندها الغرب بنفاقه وحقده سرا وعلنا، أذهب تلك الفرصة في المرحلة الراهنة وجعلت المعاناة تطول والمخاطر تشتد. إن الكيان الصهيوني يريد أن يستغل فرصة انشغال بلداننا بمحنتها وفتنها وخلافاتها وحروبها وتمزقها لكي يسّرع مخططاته ضد المسجد الأقصى، لقد فرطت الأنظمة العربية في التزاماتها تجاه المسجد الأقصى، وشُغِل جزء من الشعوب المسلمة عن نصرته، ومُنع جزء آخر من ذلك، وما بقي إلا بضع مئات من المرابطين في البيت المقدس وأكناف البيت المقدس، يرابطون ويقاومون ويفعلون ما يقدرون في مواجهة هذا المصير الأسود في هذا الزمن الأسود.

أيها الإخوة والأخوات، إنه لا ينبغي علينا أن نسكت على الأنظمة في تقصيرها وتخاذلها، يجب علينا أن ندعوها بدون توقف للقيام بواجبها، علينا أن نسائلها دون هوادة عما تقوم به بخصوص فلسطين والقدس الشريف، علينا أن نحاسبها عن تفريطها وقعودها. إن قضية المسجد الأقصى قضية حكومات ودول قبل كل شيء، هي التي يجب عليها أن تحمي المسجد الأقصى، وهي التي تقدر على ذلك، وهي التي تملك أن توجه وتشجع وتسمح للشعوب بأداء الدور المنوط بهم، كما أنها هي التي تمنعهم وتحصرهم وتضيق عليهم في ذلك إن شاءت. إننا ندعو الحكومات والدول العربية والإسلامية لكي تنتفض، لكي تتحرك فيها النخوة، لكي تفيق من سكرتها، لكي تُقِّدر المخاطر العظمى التي تترتب على هذا العدوان، لكي تعلم بأن ضياع المسجد الأقصى هو ضياع امة بكاملها، لكي تعلم بأن حتمية التاريخ وقهر السنن ومسلمات الواقع تظهر بأن القدس هي البوصلة والمؤشر، تعيش الأمةُ وكلُ أوطانها في عز وهناء واستقرار حين يكون ذلك هو مصيرُ القدس وفلسطين، ويضيع كلُ ذلك حين يكون ذلك هو حال القدس وفلسطين.

أيها الإخوة والأخوات، إننا ندعو حكومات العالم بأسره وعلى رأسها الحكومات الحامية للكيان الصهيوني في الغرب الاستعماري، أن تفكر مليا في مآلات العدوان الذي يقوم به زعيم الصهاينة المشؤوم ناتن ياهو، إن المسألة ليس قضية غالب يفعل بالمغلوب ما يشاء، إن المغلوب في هذه الفترة أمة تعدادها مليار وستمائة مليون مسلم قلوبها كلها معلقة بالمسجد الأقصى، وقد يكون في وسطها ومنها ردود فعل لا يتحكم فيها أحد قد تغير معطيات الكون كله، إن الزمن اليوم ليس كالزمن بالأمس، إن العالم اليوم قرية صغيرة، وإنه كما تؤثر العولمة التي يقودها الكبار في كل أنحاء الأرض لصالح الغالبين، فإن للضعفاء كذلك عولمتهم، وإن ردود فعل هؤلاء المظلومين المُعوْلمين قد تكون مهددة، لاستقرار الغرب وهنائه وقد لا تكون مخططة ولا مدبرة من قبل. إن الأمن والاستقرار العالميين لا يضمنه إلا العدل، وهما غير ممكنين بانتشار الظلم والاحتقار والإذلال والعدوان، إنه لم يكن في تاريخ بني البشر خلود لقوة قوي، ولضعف ضعيف، وإن تحولات الزمن قد تصنعها أحداث لم يكن يلقي له أحد بال ولا اهتمام.

أيها الإخوة والأخوات، إنه على الأمم المتحدة أن تقوم بواجبها في حماية مقدسات المسلمين وضمان حقوق الفلسطينيين، ندعوها لذلك رغم علمنا بأنها لن تفعل، ورغم وعينا بأن القوى الظالمة هي من يسيطر عليها، نفعل ذلك لنؤكد بأننا نريد عالما تحكمه قوانين دولية عادلة منصفة، إبراء للذمة أمام شعوب حرة في كل أنحاء الأرض تطوق لنفس ما نصبو إليه يجب أن نصل إليهم ونتعاون معهم لصناعة عالم مختلف على ما هو عليه اليوم، نفعل ذلك ونحن نرى منظمات دولية إقليمية عربية وإسلامية أكثر عجزا، بل وأكثر تآمرا، سخرتها الحكومات العربية لخدمة فسادها وسيطرتها وهيمنتها، لا ترى في ما يحدث في المسجد الأقصى ما يستدعي النفير والتحرك العاجل. ورغم علمنا بحالها ندعوها للاجتماع العاجل، على مستوى الجامعة العربية، وعلى مستوى منظمة التعاون الإسلامي سليلة منظمة المؤتمر الإسلامي، مذكرين هؤلاء بأن تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي كان سببه حرق المسجد الأقصى، ندعوها للاجتماع على الأقل، لإعطاء رسالة للدول الأخرى بأن المسلمين لا يزالون يحرصون على فلسطين والمسجد الأقصى، فلعل دولا حرة في الشرق أو الغرب تتشجع لاتخاذ مواقف لصالح قضيتنا كما حدث أثناء العدوان على غزة.

أبها الإخوة والأخوات، إنه رغم أن المواقف الحاسمة يجب أن تكون على كاهل الدول والحكومات ، فإن دور الشعوب هو المؤشر على حياة الأمة، وهو الذي يدفع الأنظمة للقيام بواجبها، وهو الأكثر بركة وتوفيقا وتأثيرا في شعوب العالم وحكوماته، وهو الأكثر إرعابا للكيان الصهيوني ذاته، من حيث إدراكُه حين تتحرك الشعوب بأنه لا يزال جسما غريبا في أمتنا، وأنه لا يمكن أن يحلم أبدا بتطبيع وجوده بيننا، سواء بالترغيب والتطميع، أو القهر والتخويف، سواء بدعم القوى الغربية الظالمة في عالمنا، او بمساندة وتآمر القوى الفاسدة في بلداننا. وعليه، على الشعوب أن تتحرك بكل الوسائل السلمية في أوطاننا، وأن تسند المقاومة الفلسطينية في القدس وغزة والضفة بكل أنواع الدعم المُساعِدة على التحرر والاستقلال.

أيها الإخوة والأخوات، لقد شهد لكم الأستاذ أسامة حمدان، بلهجة صادقة لا مجاملة يها على الإطلاق، قبل أيام قليلة في الجامعة الصيفية، بأن الشعب الجزائري متميز في موقفه ودوره تجاه القضية الفلسطينية، وأنه حين يتحدث عن فلسطين بحضور الجزائريين يشعر وكاأنه يتحدث مع أصحاب قضية يسبقون في إدراكهم لتفاصيلها وأبعادها بعضا من الشعب الفلسطيني ذاته. إن هذا الدور ليس غريبا على شعب مجاهد كالشعب الجزائري، تعلّم حب فلسطين من الحركة الوطنية والثورة التحريرية، ومن نخوته وتركيبته النفسية الفطرية. غير أن الوضع في فلسطين والمسجد الأقصى قد تأزم اكثر من ذي قبل، لذلك فهو يتطلب من هذا الشعب الأبي مزيدا من الاهتمام، ومزيدا من العمل، ومزيدا من التضحية، ومزيدا من النشاط، بكل أنواع النشاط، بالوقفات، والتظاهرات، والمسيرات، والندوات، والمقالات، ودعم المرابطين ماديا ومعنويا على أرض فلسطين وفي المسجد المقدس، وبالنضال السياسي و الإعلامي المميز على مستوى كل وسائل الإعلام، وبالمناسبة نشكر الفضائيات على ما تقوم به من واجب في هذا المضمار وعلى رأسها قناتي الوطن والشروق، نشكر الأستاذين الفاضلين مديري القناتين الأستاذ جعفر شلي وهو خارج الوطن والأستاذ علي فوضيل المرتبط بقضايا الأمة دوما وأبدا إن شاء الله.

أيها الإخوة والأخوات، إن حركة مجتمع السلم هي جزء من هذا الشعب الأبي، لم تفرط في واجبها في قضية فلسطين رغم الإكراهات والمصاعب، ورغم الهموم الخاصة بالوطن، ومشاركتها في معالجة الهموم الأخرى للأمة، لم تفرط في واجبها في كل ملفات فلسطين، في ملف القدس، وملف كسر الحصار على غزة، وفي ملف دعم المقاومة، وفي ملف أسر الشهداء، وفي ملف الأسرى وغير ذلك، وها هي اليوم بهذه الوقفة تعلن عن ثباتها ومواصلتها على هذا الدرب بما يتطلبه الوضع العصيب، والمخاطر المتصاعدة بقدر قدرتها واستطاعتها. إن حركة مجتمع السلم تدرك بأن القضية قضية شعب بكامله فلذلك هي تحث الجميع على التعاون على الهم المشترك بصدق وفاعلية وصرامة وحيوية. وهي تضرب لكم مواعيد أخرى للكفاح ضد العدوان على المسجد الأقصى، متوكلة على الله، واثقة بأنه إنما هي فترة شدة ستعقبها نجاحات وتوفيقات. إن حركة مجتمع السلم لا تقيس هذه الأمور بميزان زمن الأشخاص والمنظمات، ولكنها تقيسها بميزان زمن الأمم والحضارات، وإنه بهذا المقياس تؤمن بأن الأمة في زيادة وليست في نقصان. لقد كانت الأمة تحت الاستعمار، ثم سيطر علي عقولها أفكار معايدة للإسلام، وعلى ومصيرها حكام فاسدون ظالمون على طول مساحتها من طنجة إلى جاكرطة، وها هي اليوم قد تحررت من الاستعمار، وكفرت بالأفكار الغريبة عن دينها وتاريخها، وقد انطلقت في بناء القوة والنهضة في بلاد العجم في ماليزيا واندنوسيا وتركيا، وقد انطلقت إرادة التحرر والتغيير في البلاد العربية رغم الصدّ والمصاعب، وها هي المقاومة الفلسطينية في غزة تفرض إرادتها حتى اصبح الغرب يتوسل لها لإبرام هدنة طويلة مع الكيان الصهيوني، ضمن المبادرة الأخيرة لتوني بلير، فلا يتحقق لها ما تريد.

إن الأمة كانت غائبة في القرن العشرين، وإنه إن شاء الله ستكون حاضرة بإذن الله في القرن الواحد والعشرين، ستحقق نهضتها عند العرب منها والعجم، وستحقق وحدتها بفضل الله، وسيتحرر المسجد الأقصى وتتحرر فلسطين، بنا أو بغيرنا، واالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

أيها الإخوة أيتها الأخوات، إن ما يحدث في القدس يحدث بعلم الله، ولن يكون أحدنا أغير من الله على أرض الإسراء والمعراج أبدا، ولكنه البلاء، يبتلينا الله، هل نكون في مستوى الحدث أم لا، فانفروا أيها الإخوة والأخوات خفافا وثقالا لنجدة المسجد الأقصى، واعلموا أن الله لا يحاسبكم على ما لا تقدرون عليه، ولكنه يحاسبكم على ما تفرطون في ما تقدرون عليه، وإنه هو وحده الذي يعلم ما آتاكم من القدرة والاستطاعة.

يقول الله تعالى: ((إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)). ويقول: ((وكان حقا علينا نصر المؤمنين))

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،   

رئيس الحركة:  د. عبد الرزاق مقري

يوم 18 سبتمبر 2015م

تعليق

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً