الجانب الاداري للتغيير والذي نقصد به إجراء تغيير في طرائق عمل المؤسسة من خلال خطة عمل واضحة قصد مواكبة التغييرات لزيادة الكفاءة والفاعلية. ولابد لهذا التغيير من إرادة ذاتية تنقله من النظرية إلى التطبيق وفق استراتيجيات متعددة تحدث عنها أهل الاختصاص في العديد من الكتب الادارية ، من خلال العديد من المراحل التي يمر بها مجتمع التغيير ، والتي عددها بعضهم في سبع مراحل مترابطة ومتتالية المرحلة الأولى: مرحلة عدم الحراك: حيث يصاب فيها أفراد مجتمع التغيير بالصدمة وعدم التصديق نتيجة المعلومات والمعارف المقدمة لهم عن التغيير في شكل صور مشوهة وغير واضحة. المرحلة الثانية: إنكار التغيير: حيث يتجه فيها مجتمع التغيير إلى انكار فاعلية التغيير وتأثيره. المرحلة الثالثة: الإكتئاب: حيث يصاب أفراد مجتمع التغيير بالإكتئاب عندما يصبح التغيير واقعا ملموسا ويشعرون بالتوتر وعدم الرضا. المرحلة الرابعة: الموافقة والإذعان: حيث يوافق مجتمع التغيير عليه لأنه اصبح واقعا وحقيقة لا يمكن انكارها او التراجع عنها. المرحلة الخامسة: الاختبار : حيث يبدا الأفراد في اختبار عملية التغيير من خلال الدخول في محاورات ومناقشات مع المسؤولين والبحث في التغيير المطلوب وفلسفته. المرحلة السادسة: البحث عن معنى: بعد البحث والتنقيب يتوافقون مع التغيير ويبحثون عن كيفية المشاركة فيه. المرحلة السابعة: إضفاء الطابع الذاتي: حيث يضفي كل فرد من ذاته على عمليات التغيير ويصبح جزءا منه. فحين يؤمن الجميع بأهمية التغيير وضرورته في المؤسسة سيصبح تطبيقه يسيرا وسهلا ولذلك وجب على قادة التغيير ترسيخ أهمية التغيير ومبرراته من أجل تشجيع البقية على تقبله ومواكبته ، لأن عملية التغيير عملية تفاعلية لن تنجح إلا بمشاركة العاملين وتفعيل الموارد البشرية في العملية، زيادة على وضوح الرؤية والتفاعل بين فرق العمل والقيادة الرائدة وتوفر الدوافع والحوافز الأساسية للتغيير غير أن المؤسسات التي تحركها الايديولوجيا والتي نشأت في فلسفة تنظيمية معقدة أفرزتها ظروف تاريخية محددة يصعب فيها التغيير ، لأن الوسائل فيه والمتمثلة في التفاعل والتدافع والتحفيز والترقية والوظائف مكبلة بسطوة التنظيم الذي يخلق لنفسه أدوارا تنتقل من الارتقاء بالتنظيم إلى التنظيم نفسه ، فيصبح هدفا وغاية ويفرز لنفسه حراسا وسدنة يقاومون التغيير باسم حماية التنظيم ويحاصرون الفكرة بنفسها ، فيدور الجميع حول التنظيم في نفس الوجوه مع تبادل للأدوار والمهام. التغيير التنظيمي : يعرف التنظيم بأنه ذلك الشكل الذي تتعاون فيه جهود جماعية لتحقيق هدف ما من خلال ترتيب وتوزيع الموظفين عن طريق توزيع المسؤوليات والمهام والسلطات ، ولذلك فالتنظيم ليس هدفا لذاته ولكنه وسيلة لتحقيق الهدف بكفاءة وفعالية ، ومن خلال ذلك يقصد بالتغيير التنظيمي السعي إلى التكيف مع البيئة الداخلية والخارجية من أجل الانتقال إلى حالة تنظيمية أكثر قدرة على حل المشكلات. ولذلك وجب على رجل التنظيم أن يجتهد في تحقيق مبادئ التنظيم وخصائصه، ويتيقن أن دوره يتمثل أساسا في مساعدة العاملين على العمل في انسجام وتنسيق في جو من الوضوح والشفافية والمصداقية التي توفر الرضى الوظيفي الذي يؤدي الى الفاعلية والانتاجية بعيدا عن السلطوية التي تعرقل الأداء وتضيق مساحات الابداع والابتكار ويمكن تحديد تلك الخصائص والمبادئ فيما يلي : – مبدأ وحدة الأمر : بحيث يتلقى العامل الأمر من مسؤول واحد ، فإذا ما تعددت الأوامر ، وكان هناك من يقرر من وراء ستار فإن التنظيم ينذر بانفجاره ويصنع حراسه دون وعي. – مبدأ وحدة الهدف : وضوح الهدف هو المبرر لنجاح المنظمة والتنظيم الذي لا تتضح أهدافه لا ينجح ولا يتطور. – مبدأ وحدة نطاق الإشراف : من خلال تحديد مجموعات الاشراف وفق معايير موضوعية وعلمية. – مبدأ التفويض : ذلك أن تركيز جميع السلطات في يد شخص واحد دون تفويض يزيد من العبء والاتكالية ويخلق البطء في التنفيذ ويصبح التنظيم ثقيلا في حركته وقراراته – مبدأ تحديد المسؤولية : حين تكثر عبارة الكل مسؤول فاعلم أن التنظيم لا يقوم بواجبه ودوره ، تحديد المسؤوليات وتقسيم العمل يحقق الفاعلية ويوزع الأعباء ويقلل التكاليف. – مبدأ تكافؤ السلطة والمسؤولية : حين تجد في مؤسسة أو تنظيم شخص يقوم بعمل صغير ويتمتع بمسؤولية كبيرة فاعلم انه هناك خللا يحتاج إلى إصلاح. – مبدأ الوظيفة : حيث تعد الوحدة الأساسية في أي تنظيم اداري وهي عباره عن منصب او عمل معين يتضمن واجبات ومسؤوليات محدده حيث ان التنظيم يتم على اساس متطلبات الوظيفة في المنظمة ولا تتأثر بالشخص المعين عليها فهي ثابته رغم تغير الموظفين الذين يشغلون هذه المنظمة . – مبدأ المرونة والبساطة : يجب على التنظيم ان يكون مرنا في احداث التعديلات بعيدا عن التعقيد وكثرة المسميات والثقل الهيكلي الذي يقوده الى التضخم التشغيلي ويجعله يدور في حلقات مفرغة من الكفاءة والفاعلية – مبدأ المركزية واللامركزية : يجب على قادة التنظيم أن يتشكل لهم وعي بأهمية المركزية واللامركزية في التنظيم ، فأحيانا تمكن اللامركزية من تكوين صف ثان من القادة وتخلق جوا من الابداع والتنافس ، كما يمكن للتفويض المساعدة في اكتشاف المواهب والقدرات – مبدأ التنسيق : إذ يعتبر التنسيق أصل عمل التنظيم فبدونه تحدث الفوضى ويقصد به العمل على توفيق وتناسق وانسجام المجهودات المختلفة في المنظمة باتجاه تحقيق الاهداف المرسومة من خلال ما سبق يتضح أن عملية التغيير التنظيمي من أصعب المهام الادارية لأنها تحتاج الى تخطيط وكفاءة وقدرة وصبر ووقت وموارد وتزداد صعوبة عند وجود المقاومة حين يرى البعض في التغيير تهديدا لجهود سنوات من العمل والجهد والعلاقات والموارد ، وهو ما يحتاج الى جهد وتوعية ووعي وتكوين كتلة مؤمنة به والانطلاق من نفير نفسي يجيش كل القوى الكامنة في الأفراد من أجل انجاحه وايصاله الى شاطئ التمكين.
أ.عمار بن ثابت رئيس المكتب الولائي لولاية الأغواط