الرئيسية مقالات منهج الإبداع السياسي والقيادة التأقلمية

منهج الإبداع السياسي والقيادة التأقلمية

كتبه كتب في 19 سبتمبر 2023 - 5:38 م
مشاركة

شرح الأصول السياسية العشرين

الأصل الثالث عشر:منهج الإبداع السياسي والقيادة التأقلمية.

 

الخروج من الثنائيات أثناء الاختلاف إلى البدائل المتعددة في اتخاذ القرار وبناء العلاقات مع المخالفين، فحالة الاستقطاب التي أصبحت تميز أداءات حركات التغيير والإصلاح سببها المباشر قصور في إدارة الاجتماع ومجالس الرأي بالانحباس في الثنائيات القاتلة للتنظيمات بدخولها في عالم عمى الألوان لتختصر الكون في لونين (ابيض واسود) وأما قول لا أو نعم، فيحصل الصراع ثم الفرقة والفشل وذهاب الريح بعد التنازع، في الوقت الذي تطورت فيه اليوم وسائل وأساليب وطرق اتخاذ القرار بدراسة كل زوايا النظر في مستوى وصف الإشكاليات وجمع جميع معطياتها ثم وصف الحلول كل الحلول والمفاضلة بينها وتقريب واختزال المتشابه منها وفق نظرية 360 درجة وليس الانحباس في الزوايا الحادة التي تعزل البعض وتخرج البعض الآخر وتدفعهم إلى الزوايا المنفرجة بما يتيح الفرصة للشللية وجماعات النجوى، ففي طرح البدائل المتعددة مندوحة للاستغراق في الثنائيات والأضداد . السياسة بين الفعل ورد الفعل: إن أخطر ما تواجهه القيادة السياسية، ليس المعارك التي تخسرها هنا وهناك وهنالك فقط، فتلك بالإمكان تجاوزها مع مرور الوقت، والاستعداد لمعارك جديدة، وبعناصر قوى جديدة، وخبرة متجددة متراكمة )بشرية ومادية(،لكن الأخطر في نظر الاستراتيجيين أن تعيش القيادة السياسية مع شعبها ووطنها، من يوم إلى آخر، برؤية الآخر، وإستراتيجية الآخر، وخطر الآخر، فتظلّ حبيسة منطق ردّ الفعل، لا الفعل الذاتي الأول أو المبادرة الأولى، ففاقد الرؤية لا يعطيها، والرؤية، في المحصلة هي معرفة وفكر ونظم فكرية ومعرفية، خصوصاً في السياسة وعلمها المتطور، حيث لا يجوز أن تكون السياسة خاليةً من الفكر التعدّدي، الاختلافي، وحتى التناقضي المفتوح على التناقض والتناغم باستمرار، ذلك أن العقل السياسي المبدع والريادي، إنما يتجلّى هنا، أي على محكّ هذا الفالق “الدائم”، فإما أن يهضم هذا التحدّي، ويتجاوزه بالعقلانية النقدية الحكيمة، أو أن يسقط في أفخاخه وأهواله المفتوحة على مزيد من الأهوال والجائحات. وليس للسياسي العبقري سوى أن ينجح، ولو بأقل الإمكانات المتاحة له،ومن هنا، قيل إن السياسي الكبير لا يظهر إلّا في زمن الأزمات والحروب المعقدة، الطويلة والمتداخلة، بل إن بطولته تبدأ من هنا، من استيعاب عملية الصراع المعقّد وتاريخيته، واستيعاب طبيعة القوى والظروف المنتجة له، وأهدافها الحقيقية التي تقف خلف الشعارات التي يطلقها الأعداء المهاجمون له. عالم متغير يحتاج إلى تأقلم: فنحن نعيش في عالمٍ لا ثابت فيه إلا “التغيير” على مدّ الزمن؟ عالمٌ مستقبله يلفه الغموض، ويصعب التنبؤ به، ويتسم بالتقلبات؟ فكيف يمكننا أن نمارس القيادة في ظل هذه ظروف؟ هل نحتاج إلى تغيير سلوكياتنا وتصرفاتنا كي ننجح في بيئة تفتقر لما يكفي من المعلومات عند اتخاذ القرارات، وفي خضم وتيرة تغيير جذري لا تتوقف؟ وفي ظل تحكم غير مسبوق في قواعد اللعبة السياسية وتقادم الأساليب التقليدية التي أثبتت التجربة ضعف جدواها واستهجانها من الجمهور ،ويبدو إننا وبغرض الاستمرار وتعبيد جسور جديدة للعبور نحتاج إلى منهج جديد في التفكير يساعدنا على معالجة الاشكاليات الجديدة ومواجهة التحديات والاكراهات التي تحيط بنا من كل جانب سيما بعد فشل اغلب أدوات وأساليب التغيير والإصلاح أو بعبارة أخرى أصبحت محدودة التأثير في إحداث التغيير . فهل هناك طريقة للتفكير السياسي لم نمارسها بعد يمكنها أن تعيننا على حل لغز حالة التكلس والجمود والعزوف السياسي والرد على دعاة (مابعد الجماعات والتنظيمات والأحزاب)، لا يمكننا ذلك إلا بمقاربة الفعل السياسي بوصفه إبداعا وموهبة وفنا،فنحن في أمس الحاجة إلى منهج الإبداع السياسي الذي تمكن من خلاله أسلافنا من الوصول إلى تحريك الرواكد وصناعة الجاذبية السياسية،لأن جوهر الأزمة التي تحيط بنا اليوم سياسي بحت، وإن كان يُعبر عنه بتمظهرات أخرى. ولا ننسى أن السياسة برامج وأفكار ومشروع، فاليوم نعرف ركوداً وحالة من التكلس في الحلول السياسية، وقلما نسمع عن فكرة مبهرة أو مشروع يعد بشكل حقيقي بالتطور والتقدم. بمعنى آخر، فإنه هناك ما يمكن أن نصفه بالفقر وقلة الإبداع السياسي،فكل مجالات الفعل الاجتماعي والسياسي لا يمكن أن تزهر وتثمر إلا بالإبداع، وكل المنجز الإنساني هو نتاج الإبداع ولا شيء غيره. فرجل السياسة الحقيقي هو من يقترح الحلول ويتميز بجرأة التنفيذ والإقدام، فنحن جميعاً ودون استثناء نمنحه ذلك الكرسي وتلك الامتيازات لأنه أقدر منا على إيجاد الحلول ومعالجة الأزمات الحاصلة.

لا شك في أن الأوضاع الاقتصادية والمالية صعبة اليوم في غالبية الدول العربية بل في كل العالم الذي يمر بمرحلة تحول غامضة الأفق لا ندري على ماذا سنفاجأ يوما ما؟ وأن هذه الأوضاع هي ليست فقط نتاج ثغرات ومشكلات تنموية داخلية، بل هي أيضا نتيجة ما تعصف بالاقتصاد العالمي من مشكلات وتغييرات نحن لم نتأقلم ونتكيف معها بعد. لكن هذه الصعوبة ذاتها هي التي تفرض عدم القبول إلا بقامات سياسية قادرة على الإبداع السياسي والاقتصادي،فالمرحلة مرحلة مبدعين وأذكياء وعقول خارقة للعادة، وليست مرحلة عادية ومستقرة وسهلة. غير أن الإبداع المقصود هو ما يطال مجال التنمية والاستثمار وخلق الثروة والاجتهاد في تحقيق تراكمها، وفي توفير مناخ جيد للعمل والاستثمار، وفي القضاء على البيروقراطية التي لا تزال تعرقل حياتنا اليومية والحلول القادرة على معالجة مشكلات القطاع الخاص والأفراد الراغبين في تقرير مصيرهم الاقتصادي، بعيداً عن الوظيفة العمومية ذات الأبواب المغلقة. صحيح أن السياسة هي فن الممكن، لكنها أيضاً إبداع الحالمين بمجتمعات أفضل، ذلك أن السائس هو الذي يقدم الحل، وليس دوره تقديم مشكلات مؤجلة في شكل حلول. المهارات الواجبة : وهنا تبرز إلى السطح مواصفات أساسية ومهارات رئيسية وجب أن تتوفر في القيادة التي يمكنها أن تحدث الفراق ،وفي صُلب القيادة، لطالما كان امتلاك القادة لمهارتين محددتين أمر مفيد، إلا أن امتلاك ذات المهارتين اليوم أصبح أمراً أساسياً: 1. القدرة على مواجهة المتغيرات ومواكبة الواقع الجديد. 2. التحلي بالشجاعة لتحمل المسؤولية المترتبة عن صناعة المستقبل. ويعتبر امتلاك كلتا هاتين المهارتين اليوم، أمراً مصيرياً للبقاء والازدهار في ظل هذا العالم الجديد.فالمؤسسة والمجتمع والبلد، يحتاجون اليوم أن ننجح في تعزيز قدراتهم على التأقلم والتحليّ بالمرونة في مواجهة التحديات المعقدة واغتنام الفرص الناشئة، والتحليّ بالشجاعة لتحمل المسؤولية المترتبة عن صناعة المستقبل من خلال قيادة التغير ذاته، بدل محاولة تتبعه. ولتطوير ورعاية هاتين المهارتين الأساسيتين، يتطلب الأمر نوعاً جديداً من القيادة، أو على الأقل يتطلب إبراز بعض السلوكيات القيادية المحددة، حيث ينبغي على القادة مساعدة مؤسساتهم ومجتمعاتهم على تحديد التحديات التي تحتاج للتأقلم معها، وتمييز هذه التحديات عن المشاكل التقنية، فالسبب الأكثر شيوعاً للفشل في ممارسة القيادة هو محاولة الأفراد، لا سيما من هم في المناصب الإدارية العليا (السلطة)، التعامل مع التحديات التي تتطلب التأقلم (ما نشير إليه المختصين بمصطلح “التحديات التأقلمية”) على أساس أنها مشاكل تقنية، لذلك ما من عجب في أن نرى اليوم ممارسات “إدارة روتينية” أكثر من “ممارسات قيادية” في مؤسساتنا ومجتمعاتنا. لكن ما هو الفرق بين “تحديات التأقلم” و”المشاكل التقنية”؟ إن القول المأثور الذي يفيد بأن “الناس يقاومون التغيير” ليس صحيحاً تماماً، فالناس يحبون التغيير عندما يدركون أنه أمر جيد، فلا أحد يردّ جائزة مالية كبرى عندما يربحها أو يرفض ترقية معتبرة إلى منصب ذي سلطة، فالجميع يمكنه عادةً تقدير مكاسب وخسائر مبادرات التغيير بشكل جيد، وبالتالي ندرك أن ما يقاومه الناس ليس التغيير بحد ذاته، إنما يكرهون ويقاومون الخسارة، إن ما يجعل التأقلم عملية صعبة وعويصة هو انطوائه على خسائر، وهذا ما يفسر لنا لماذا يميل من هم في المناصب الإدارية العليا (السلطة) تجنب ممارسة القيادة في تلك الحالات. فعندما يلوح للناس أن التغيير قد ينجر عنه خسارة حقيقية أو محتملة، يتمسكون بما لديهم حالياً ويقاومون التغيير. مقتضى الإبداع السياسي: ويشير المختصون إلى أن ممارسة القيادة التأقلمية تختلف اختلافاً جذرياً عن مفهوم “إنجاز المهام على أتم وجه”، كما أنها تختلف أيضاً عن تولي المرء منصباً رفيع المستوى في سلّم السلطة. لذلك لا حل سحري لدينا سوى منهج الإبداع السياسي الذي يبدأ بوجود قيادة تأقلمية تستطيع التكيف مع الأوضاع وتختار اتجاهاتها وفق منطق علمي معياري وسطي متوازن يقف ثابتا أمام طرف جاذب نحو القديم المجرب وطرف دافع نحو الجديد المقرب، وتبلور خياراتها بطريقة سلسة تتحمل فيها هامش الأعراض الجانبية حيث لكل خيار أعراض جانبية ترافقه لكنها لا يجب أن تدفع في اتجاه التراجع بل لابد من معالجة الأعراض الجانبية دون استغراق فيها لأنها ستلهي عن الاتجاه نحو الطريق المستقيم الذي رسمه خيال سياسي واعٍ ومدرك للتحديات ويمتلك القدرة على الإقناع وصناعة الاتجاه ويتحمل ضريبة النتائج إذا كان هنالك خسائر مرافقة للخيارات، وليس التفكير الإبداعي غير القدرة على إيجاد شيء جديد لم يكن موجوداً من قبل، وقد يكون هذا الشيء عبارة عن فكرة جديدة أو شيء مادي، فهو طريقة للتفكير في الأمور بشكلٍ مختلفٍ، والنظر إليها من زوايا ومنظور جديد، ممّا يساعد في إيجاد حلولٍ جديدةٍ غير تقليدية، حيث تكتسب القيادة التأقلمية مهارات الإبداع السياسي التي تتيح التفكير بحريّة دون الخضوع لأيّ قيود أو حدود، فالابداع السياسي هو تقديم أفكار غير اعتيادية، وتعزيز الروح القيادية بما يترك بصمات مميزة في مجال العمل، وبالتالي زيادة الدور في تغيير مسار التاريخ، وزيادة الإنتاجية ممّا يساهم في تقليل الخوف من الفشل، وزيادة الاستثمار والإنتاجية، وزيادة ثقة القائد بأفكاره ومدى مساهمتها في تحسين مناخ العمل وضمان انسجام قيادي منتج ومنجز وفاعل، مما يساعد على تقديم أفضل الحلول. ولا يمكن أن نتحدث عن منهج الإبداع السياسي دون الحديث عن ضرورة التدرب على مهارات التحليل والانفتاح والابتعاد عن التحيزات والقيود وتنظيم الأفكار وترتبيها بما من استيعابها لدى الآخرين وطرح الأسئلة الصحيحة ومحاولة الإجابة عليها بالاستفادة من خبرات الآخرين والتغلب على الأفكار السلبية الميتة المميتة كما تحدث عنها مفكرنا مالك بن نبي. يضاف إلى ذلك تقعيد مهم لمنهج الإبداع السياسي بتحقق خصائصه الأساسية وهي الطلاقة والمرونة والأصالة والحساسية للمشكلات والتحديات وإدراك التفاصيل التنفيذية في مقابل المحافظة على الاتجاه. حاجة الإبداع السياسي إلى التفكير الابداعي: وقد يفيدنا أسلوب القبعات الست التي قام إدوارد دى بونو بتصميمها لتستخدم كأداة لتعزيز التفكير الواقعي لتكون العملية أكثر إنتاجية وتركيزاً، حيث قام بتقسيم التفكير إلى ستة أدوار مختلفة، يُعرف كل دور بقبعة تفكير رمزية ملونة.هذا المنهج سَيُمكنُ الذهن من الانتقال بين مفاهيم قبعاتِ التفكير الست، مما سيساعَد على إعادة توجيه الأفكار و أسلوبَ التفكير. 1. “ القبعة البيضاء” – الحقائق و المعلومات, وكل ما تعرفه مسبقاً 2. “القبعة الصفراء” – النظر إلى الجانب المضيء، التفائل والإيجابية إضافة القيم والحسنات. 3. “القبعة الحمراء” – تعبر عن المشاعر والعواطف وردود أفعالك وآرائك. 4. “القبعة الزرقاء” – الإدارة والسيطرة، النظر إلى الصورة الأكبر. 5. “القبعة الخضراء” – استكشاف بدائل أخرى وتوليد أفكار وحلول جديدة. 6. “القبعة السوداء” – كونك واقعياً وعملياً وحذراً ترى أين يمكن أن تسير الأمور في الاتجاه الخاطىء وتكتشف الأخطار والصعوبات، يطلق عادة على القبعة السوداء “صوت الشيطان”. وإذا كنا نتحدث عن منهج الإبداع السياسي الذي يصبح بعد تعلمه طريق القيادة التأقلمية للتعامل مع التحديات وحالات الجمود والتراجع التي يعرفها العمل المؤسسي السياسي والاجتماعي ومحدودية تأثير الأدوات التقليدية في التغيير فإننا اليوم بحاجة ماسة إلى توفر عقل قيادي له خيال سياسي يستشرف المستقبل ويتطلع إليه وكأنه يعيش معه بل و يقنع محيطه القريب والبعيد بأهدافه وتطلعاته ويصبح منهجا للتبشير (من بشرى) بالامال العريضة التي يتضمنه المشروع الرسالي كما كان القادة المؤثرين في التاريخ الذين صنعوا الانجاز في مراحل سابقة رغم كثرة التحديات وطغيان الفساد والاستبداد والاستعمار . الخيال السياسي رديف منهج الإبداع السياسي: وعندما نتحدث عن الخيال السياسي كرديف لمنهج الإبداع السياسي ، فنحن لا نتحدث عن التنجيم السياسي أو العرافة السياسية أو التعلق بالوهم السياسي وبالتالي تصديره إلى الأجيال ، إنما نتحدث عن ملكات بالإمكان اكتسابها وتعلمها وتجسيدها في الواقع ،لأننا كما يقول الدكتور عمار علي حسن: إذا كان البحث العلمي تتحدد وظائفه في سبع وظائف أساسية، هي: (جمع المتفرق، واختصار المسهب، وتطويل المختصر، وإتمام الناقص، وتجلية الغامض، ونقد السائد، وإبداع الجديد)،كما تتحدد ملكات العقل البشري في (التذكر، والفهم، والربط، والإدراك، والابتكار). ففي مساحة نقد السائد، وإبداع الجديد، والابتكار، نحتاج إلى الخيال. وكما أن البرهان له دور في العلوم الإنسانية، فالحدس أيضاً له دور، وهذا ما يفرق بين قيادي وآخر، فالقائد الذي يتمتع بالحدس والبصيرة في مواجهة التقيد بالموجودات المادية فقط والوقوف عندها يضيف لتحليله عمقاً وتميزاً كبيرين.يمكن معرفة منابعها في استقراء التاريخ والوعي بالمستقبل،والدراسات عبر النوعية،وروح الفريق الذي يتيح الفهم المشترك و التفكير الجانبي خارج الصندوق،واتقان نظرية المباريات فهي تعد تدريباً جيداً على إطلاق الخيال السياسي، وهي موجودة في صُنع القرار.و استطلاعات الرأي التي تتيح التعرف على اتجاهات الرأي العام نحو القضايا المختلفة، ومن خلالها أيضاً يمكن إشراك أكبر عدد من البشر في التفكير في مستقبل ظاهرة ما ،وحضور وشهادة القائد المتبصر من ذوي النظرة المستقبلية الجيدة. واستعراض التجارب الناجحة، أي استعراض مثل هذه التجارب بهدف الاستفادة منها. ولا يمكن أن يكون للخيال السياسي بهذا المعنى تأثيرا في الساحة دونما إدراك لسُبل تنميته من خلال:

1- إعادة ترتيب الملفات التي يُعتقد أنه لا يوجد رابط بينها للوهلة الأولى.

2- تجنب الوقوع في فخ التعريفات التي تؤدي إلى ميوعة في الفهم، فالتحليل القائم على التعريفات غير المنضبطة التي لا تتفق مع السياق الحالي لاستخدام المصطلح، يُفسد البحث العلمي.

3- فهم علاقة المفاهيم بسياقاتها، بمعنى أنه عند الرجوع للتعريفات السابقة لمصطلح ما يجب إدراك ارتباط التعريف بالضرورة بسياق اجتماعي وسياسي قد يكون مختلفاً عن السياق الحالي لاستخدام المصطلح.

4- التفكير في الأشياء والمعاني المضادة (كيف يفكر المناقض لي في الرأي؟)، وذلك لبلورة رؤية أكثر عمقاً.

5- عدم الاستسلام للقوالب المنهجية الجامدة. فإذا ما توفرت سبل تنمية الخيال السياسي وجب مواجهة المعوقات التي تجعله مجرد ترف لا قيمة لمخرجاته سوى في الروايات السياسية الساخرة التي يرقاها الناس عندما يقررون الخلود إلى النوم سواء لهم أو لأبنائهم، وهذه المعوقات كما أوردها بعض المختصين هي:1- الوقوعية: وهي ضد الواقعية، فعلى الرغم من أن الواقعية مطلوبة لدراسة معطيات الواقع، تأتي الوقوعية في المقابل لتقف أمام الخيال السياسي، والمقصود بها الاستسلام لهذا الواقع وعدم امتلاك الثقة في إمكانية تغييره. 2- بَلادة صانعي القرار: أي أن تكون الملكات العقلية متراجعة، وتؤثر سلباً في القدرة على التخيل. 3- التحكم البيروقراطي: فسلطة البيروقراطية المعوقة عادة ما تكون مُسبطة للخيال، وكثير من الأفكار الخيالية في حياتنا تقتلها البيروقراطية. 4- نقص المعلومات أو الاستهانة بها أو الاستسلام لها: فالخيال السياسي يتعين أن يقوم على أُسس متينة من التفكير العلمي، ولهذا يحتاج إلى توافر معلومات كافية وسليمة، لفهم الظاهرة المطلوب وضع حلول لها.ومن ناحية أخرى، فإن الاستسلام للمعلومات والإغراق في تفاصيلها من دون ترتيبها حسب أهميتها، يؤديان إلى تعويق الخيال السياسي. 5- الجهل بالتاريخ: إذ إن معرفة ما حدث مهم للتنبؤ بما هو قادم، فأحداث التاريخ لا تتكرر بحذافيرها، إنما تتشابه في معانيها. 6- الاستسلام للموروث والعادات والقواعد النوعية: أي التعود على نمط معين للتثقيف والإنتاج العلمي، وهو ما يحوله لقيد يمنع التخيل السياسي. 7- التفكير بالتمني: وتطغى فيه العاطفة على العقل، وفي المواقف الجادة يمثل ذلك خطراً شديداً، فحينها يكون اتخاذ القرار على أساس التمني، وليس على أساس دراسة حقيقية للواقع. وكلما استطعنا الالتزام بخصائص الإبداع السياسي ووفرنا سبل تنمية الخيال السياسي وتجنبنا معوقاته فإننا سنتمكن من تعزيز الأفكار الجديدة بغرض تضمينها في برامج عملية تنفيذية على مستويات مختلفة تكوينية وتربوية وقانونية واجتماعية وغيرها فنكون أكثر جاذبية وإصرار على تجسيد أحلامنا في المستقبل.

 

د. فاروق طيفور \ الأمين الوطني للشؤون السياسية.

تعليق