الرئيسية مقالات ضريبة الموقف ومتطلبات المرحلة

ضريبة الموقف ومتطلبات المرحلة

كتبه كتب في 26 يناير 2024 - 8:11 م
مشاركة

أعلن المجلس العسكري في مالي تملصه من اتفاق الجزائر للسلم، موجها اتهامات حادة للجزائر، فاتحا بذلك مرحلة جديدة من التوتر و الاضطراب على حدودنا الجنوبية و على استقرار النسيج القبلي و امتدادته في المنطقة.

ليس هذا الحدث إلا واحدة من أشكال التأزيم الذي تدفع إليه دول تحالفت مع الكيـ.ـان و تريد أن تستمر حالة القلق الاضطراب في الجوار الجزائري. والتوغل الصهـ.ـيوني في مفاصل السياسة الدولية و التأثير على الحكومات و المنظمات و الشخصيات قديم و متجدد، بل هو في صميم الاستراتيجية الصُّه… يونية ، مع توظيفٍ للمال و الإعلام و أدوات كثيرة أخرى.

والجزائر واحدة من الدول المستهدفة، و مع تقدم مشاريع التطبيع و انخراط دول المنطقة فيها، و نشوء علاقة وظيفية و نفعية بينها وبين الكيا…. ن، أصبحت الجزائر أكثر فأكثر في دائرة الاستهداف. إن الأضرار البالغة التي لحقت سمعةَ الكيان بعد الطوفان لم تمنعه و لم تمنع وكلاءه من مواصلة عمليات الاختراق و محاولات الإضرار بكل جهة تجهر بعدائها له. ما الذي يريدونه من الجزائر؟ لا يبدو أن الهدف هو جر الجزائر نحو التطبيع، على الأقل في المدى المنظور، فذلك يبدو صعبا باعتبار التركيبة البشرية و المزاج العام و الإرث الثوري و ارتباطه بمفاهيم الاحتلال و العنصرية، فالاهدف الرئيسية هي:

🔸الإشغال و الإرهاق و الدفع نحو التحفظ في معاداة و مخاصمة الكي… ان و مشاريعه.

🔸الحشر في الزاوية و الدفع نحو الانكفاء على الذات و العدول عن لعب أدوار متقدمة في السياسة الإقليمية، حتى في النطاقات الحيوية للجزائر كالجارة تونس و ليبيا و منطقة الساحل، في وقت حساس يعاد تشكيل الخرائط الجيوسياسية، و تتسابق الدول للتموضع الجيد في النظام العالمي الجديد قيد التشكيل.

🔸يستتبع ذلك فسح المجال للمغرب كدولة حليفة، تتجه نحو الوظيفية الصريحة ، لتكون هي الأداة و الوكيل في عمليات الاختراق الصهي…وني في العمق الإفريقي في دول الساحل و غرب إفريقيا.

🔸العمل على التغيير البطيئ و العميق للمزاج العام الشعبي و السلطوي خصوصا من خلال احداث الفجوات و استغلال القابليات المتخفية لدى جزء من المؤثرين في المشهد الاقتصادي و السياسي و الثقافي الجزائري. إن هذا التحدي الذي وصلت امتداداته إلى حدودنا المختلفة و أصبح يؤثر بشكل جدي على علاقاتنا الحيوية يتطلب تحركا مبادرا ، يرتكز على:

▪️تقوية الجبهة الداخلية بشكل جدي و فعال و عميق بعيدا عن احتكار الملفات الاستراتيجية و الهامة ، من خلال التوافق و الشراكة، بما يسمح باستدراك التأخر في الإقلاع الاقتصادي و الانفتاح التجاري على محيطنا الإقليمي.

▪️الارتكاز على حوار وطني حول القضايا الهامة بعيدا عن الادعائية و الدعائية التي غرقت فيها الوسائط الإعلامية الحكومية.

▪️اعتماد دبلوماسية نشطة، مبادرة و مرنة، خصوصا في هذه المرحلة التي يعيش فيها الكيان واحدة من أسوء فتراته و يفترض أن وكلاءه يقاسمونه جزءا من معاناة سقوط الاقنعة و انهدام أسسه الأخلاقية و الإنسانية التي حاول التستر بها.

▪️حسن اختيار الحلفاء و الاستفادة من تعدد المحاور و توظيف مختلف الأوراق الرابحة التي تملكها الجزائر و تنويع العلاقات و الخروج من الارتهان لأطماع الشمال الأوروبي و تاثيراته الاقتصادية الضارة، و الخروج من تأثير العلاقات السامة مع المستعمر القديم.

▪️الانتباه لمكامن الضعف الرئيسية، في منظومة الحكم و في البنيوية الإجتماعية و الاقتصادية و المسارعة لعلاجها و تقويتها، فإن الشقوق و المسامات هي مقدمات الضعف و الاختراق.

▪️اليقظة الاستراتيجية، خصوصا تجاه الملفات الحساسة، كملف النزاعات الاثنية و الطاقة و خطوط النقل و الهجرة غير الشرعية و الخيارات الاقتصادية الكبرى. إن الجزائر تملك قدرات كبيرة على الفعل و التأثير، و مواجهة تحديات المرحلة، إن هي امتلكت رؤية متقدمة و ارتكزت على منظومة حكم وطنية تشاركية تستجمع ثقة الشعب و تحشد طاقاته،و إن بلدا سقت أرضه دماء الشهداء لجدير بأن يتقدم ليأخذ مكانته تحت الشمس و يلعب دوره لصالح القضايا التي طالما حركته و كانت عَلما عليه بين الشعوب.

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). أ.خليل جعيجع عضو المكتب التنفيذي الوطني

تعليق