الرئيسية مقالات أ. فاروق أبوسراج الذهب حرفة السقاية و محنة الدستور الجزائري

حرفة السقاية و محنة الدستور الجزائري

كتبه كتب في 19 ديسمبر 2015 - 12:21 م
مشاركة

حرفة السقاية و محنة الدستور الجزائري

بقلم فاروق ابو سراج الذهب / الامين الوطني للشؤون السياسية

يتحدثون عن تعديل الدستور بعد تأجيل لم يذكروا تبريراته ،ويحاول من خرج خارج مجال التغطية في العام الماضي عندما صرح بان تعديل الدستور غدا ولم يحدث شيء أن يعطي الأخبار  كمصدر ماذون الى الصحفيين على انه على علم بما يحدث ولا يخجل من نفسه ويكرر نفس الخطاب وكأن الذاكرة الجمعية للرأي العالم غافلة عن تهويمات هؤلاء … ولاشك أن جزءا آخر من المولاة سيبدأ الحملة المجانية لدستور لا يعرف مضمونه احد وتبدأ حملة مسبقة لتملأ الفراغ المهول في سياسات السلطة التي أصبحت اغلب برامجها عبارة عن مساحيق لتزين المشهد السياسي السلطوي المفضوح والذي يعلن باستمرار عن الفشل ويضيف توابل لفضائح قديمة تتجدد بفعل عدم القدرة على التحكم في الاسهال السلطوي الذي اصبح يزكم الانوف من خلال الملاسنات والمدافعات التي يقودها من كان بالامس ضالعا فيها للاسف الشديد ومن نفس الكأس سيشرب الجميع،على اعتبار ان السلطة الجزائرية فيها ظاهرة تتكرر وهي انها تأكل ابناءها ولاتسمح لهم بتبرير مواقفهم ولا الدفاع عن انفسهم تحت سوط واجب التحفظ ،وقد شرب من هذا الكأس الكثير ومازال يشرب منه اليوم من كان بالامس ساقيا ،وعلى الباقين ان ياخذوا الدرس ويفرملوا بل ويلغوا من برامجهم ووسائلهم حرفة السقاية هذه ، فلا يشعر بالظلم الا المظلوم ولايشعر بالحقرة الا المحقور ولايشعر بالتهميش الا المهمش ولايشعر بالضيق وقلة ذات اليد الا الفقير او البطال الذي قتل حلمه في بلاده فاصبح يطلبه في بلاد الغرب والغال عبر قوارب الموت في البحر…..

ان محنة الدستور في الجزائر محنة قديمة جدا حيث اعتبر تاريخيا ان لكل رئيس دستور واذا كان هذا مقبولا في السابق على اعتبار ان اي رئيس يحل ببيت المرادية ينسج دستوره فلمن ينسج الدستور القادم انها محنة الدستور ياسادة فمرة نعدله ومرة ندوس عليه ومرة اخرى ندخلة في الانعاش ونطل عليه في الشهر مرة لنتفرج على عمق ازمته للاسف الشديد ..

قالوا بعد احداث جانفي 2011 اننا مقبلوان على تعديل الدستور وقلنا لعل في الامر خير حيث التحولات العربية والدولية وهو امر مطلوب لمواكبة التطورات في اجواء الاصلاحات المعلنة في خطاب 15 افريل 2011 … ولكن تاجيل الدستور الى مابعد اصلاح القوانين وهي المنهجية التي تعبر عن علامة من علامات الساعة وهي ( ان تلد الامة ربتها) …فميعت وسطحت الاصلاحات وبقي الدستور في محنته ينتظر خفوت اوار نار التحولات والثورات فلما انصرفت ريح التحولات رجعنا الى خطاب المشاورات لربح الوقت فبعد مشاورات مع 250 طرف سياسي ومجتمعي ثم مشاورات مع 114 طرف اخر مكرر ..تاتي لجنة كردون لتصيغ مالا يصاغ حيث لانعرف الى اليوم ماذا وقع وماذا فعل بالمقترحات التي اجمعت على طبيعة النظام السياسي (برلماني)لتاتي رسالة اويحي للاحزاب بغرض انجاز برنامج المشاورات الثانية فارغة من المضمون الذي اجمع عليه المشاركون في المشاورات الاولى(وعندنا دراسة علمية لتصريحات المشاركين في مشاورات بن صالح بعد لقائهم به وهي مسجلة )…ثم بعد اخذ ورد وموعد ثم موعد ورسائل ثم رسائل تتحدث عن مخاض عسير للدستور في محنته السادسة هانحن اليوم نتحدث عن مشروع تمهيدي لتعديل الدستور اقول مشروع تمهيدي(حسب بيان الرئاسة) اي لم نبدأ بعد …. انه العبث السياسي باقدس وثيقة تجمع الجزائريين وهي الدستور …والعبث هنا ليس مقصودا لذاته بعد تداعياته واشعاعاته متعدية الى قضايا اكبر …والا فمامعنى ان يجتمع مجلس ليس له في الدستور مكان وموقع (مجلس مصغر) مع الرئيس للمداولة حول اب القوانين (الدستور) … ونتساءل عن التوقيت اولا الذي يبرمج للاسف الشديد على اجندة غامضة ونتساءل: لماذ تغيرالحكومة بعد زيارة فابيوس ثم ينحى مدير دائرة الاستعلامات والامن بعد زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي ثم يجتمع هذا المجلس المصغر بعد زيارة رئيس المجلس الدستوري الفرنسي …نحن نتساءل فقط على هذه المرافقة المفارقة التي تتكرر معنا هذه الايام والسؤال الجوهري اليوم هل صرنا مقاطعة فرنسية تبحث عن حكم ذاتي ؟.

فدستور الجزائر المستقلة بضريبة مليون ونصف المليون من الشهداء في سبع سنوات الحرية والمقاومة و11 مليون طيلة الاستعمار منذ 1830، ينبغي ان يجتمع عليه الجزائريون ويكون دستورا توافقيا ليس بمنهجية ارسل مقترحاتك وابق مكانك وانما بمنهجية فتج نقاش سياسي حقيق وشامل وجها لوجه مرة للسياسيين واخرى للشعب وكل الفئات يختم بالخبراء للصياغة فقط ثم يعرض للاستفتاء اما لعبة الغميضة السياسية التي اصبحت تستهوي السلطة هذه الايام ومع كل القوانين والبرامج والسياسات فهي لعبة تعمق الاحتقان وتزيد في الكبت وستنتج التطرف والغلو لامحالة والمسؤول عن تقويض استقرار البلد وزياردة الاحتقان وتعاظم المظلومية هو هذه السلطة التي دخلت في مرحلة للتسوية والتصفية فيما بينها باتهامات بعيدة عن العدالة المستقلة ولاتستهدف سوى ضمان نصاب البقاء في السلطة باي وسيلة كانت .

ان محنة الدستور الجزائري تعقدت وتعددت مظاهرها ومؤشراتها ووصلت الى حد لايطاق ونؤكد في الختام ان مشكلتنا ليست مشكلة نصوص دستورية كما قال الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله ولكن مشكلتنا هي مشكلة لصوص تعمل في الغموض والظلام … وبخطاب الامل نقول آن لفجر هذا الظلام ان يبزغ وان لشمس هذا الغموض ان تتضح .

تعليق

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً