كثير من الصحفيين سألونا عن الموضوع فنريد أن نجيب مرة واحدة عن طريق هذا المقال.
يوجد في هذه القضية من يخطط، ويوجد من يسخر ( بالياء المرفوعة والخاء المشددة المفتوحة)، ويوجد من يتبع الأثر تزلفا وانتهازية، ويوجد من يسكت ويساير، ويوجد من يكرر ما يدخل في الموضوع سذاجة وقلة فهم، ويوجد من يعارض معارضة سياسية وطنية، ويوجد من يعارض معارضة شخصية انتقامية، ويوجد من يعارض من أجل الصراع على السلطة فحسب.
والذي يهمنا في هذه القضية ثلاثة أصناف فقط وهم:
1 – الذين يعارضون معارضة سياسة وطنية وهم نحن في حركة مجتمع السلم وأمثالنا. ليست لنا حسابات شخصية مع شكيب خليل أو غيره، ولكن الذي يهمنا اولا هو ما حدث من كسر لما بقي من مصداقية العدالة وهيبة الدولة، بفعل هذه السلطة السياسية الحاكمة التي تتصارع محاورها على السلطة والمصالح الشخصية فتسخر العدالة والمصالح الأمنية لهذا الصراع فتفعل الشيء وضده في وقت وجيز فتعطي الصورة للعالم كله وكأننا في فلم تحولت فيه دولة ما إلى قصة تحكي صراعات عائلات المافيا كلما تغلب محور سير أمور الدولة لصالحه فيصيبنا نحن المواطنين كثيرا من الحزن على ما وصل إليه بلدنا. وثانيا يهمنا في الأمر الاتجاه السياسي والاقتصادي للشخص المعني، فهو رجل رأس مالي ينتمي للرأسمالية العالمية المتوحشة ووجوده يخيفنا كثيرا على مآلات البلد، كما أنه يتحمل مسؤولية استنزاف الموارد الطاقوية للجزائر والاعتداء على حقوق الأجيال المستقبلية وتحويل هذه الكنوز إلى أموال ضاعت بشكل مذهل بسبب سوء التدبير وقلة الكفاءة والفساد العظيم الذي وقع في زمنه وتحت سلطته.
2 – الصنف الثاني لا نتوقف عنده كثيرا وهم المسخرون، وهؤلاء يدخلون ضمن الاستراتيجيات الاستعمارية القديمة المتجددة، إننا حينما نرى زاوية من الزوايا تفعل ما فعلت مع شكيب خليل نتذكر العهد الاستعماري فنفهم كل شيئ. نتذكر حينما سيطرت فرنسا على بعض الطرق الصوفية التي وقفت في وجهها وقوف الأبطال جهادا في سبيل الله وحماية للوطن فدجنت بعضها ( وحاشا أغلبها) وأصبحت تضعها في الواجهة لتسخرها في السيطرة المعنوية على الجزائريين البسطاء، وحينما نرى هذه الصورة الكاريكاتورية التي أظهرت شكيب خليل داخل الزاوية تحضر أمام اعيننا مندهشين الزيارات المكثفة للمسؤولين الفرنسيين لبلادنا في هذه الفترة الأخيرة فيكتمل المشهد وكأن فرنسا الاستعمارية الرأسمالية عادت وأخرجت من سجلاتها أدواتها واساليبها القديمة تكررها لعلها تنجح هذه المرة في حالة من الازدراء والاحتقار للجزائريين لا يعلم ردود أفعالها في المجتمع الجزائري إلا الله نسأل الله العافية. غير أن الذي يؤسفنا حقيقة أن تكون جبهة التحرير ضمن هذا التسخير، جبهة التحرير حليفنا الاستراتيجي سابقا في الدفاع عن نوفمبر والسيادة والهوية رغم المنافسة السياسية الدائمة بيننا وبينها.
3 – الصنف الثالث وهم الذين يخططون وهم موجودون في اعتقادنا داخل مؤسسات الدولة وخارجها ومن الجزائر وخارجها، وهم يعلمون ما يفعلون، هؤلاء هم الذين خططوا لهذه الخرجة ورتبوا لها، ولهم من القدرات ما يجعلون غيرهم يعتقد بأنهم هم من خطط ورتب. هؤلاء هم الذين قرروا بأن الجزائر يجب أن تتغير اقتصاديا وثقافيا، تتغير ثقافيا من خلال المحاولة مجددا لكسر الحصانة الحضارية للجزائريين باعتبار أن هويتهم هي من حماهم ويحميهم ضد الاستعمار ومخلفاته تماما كما حاولت فرنسا تحقيقه بعد أن هزمت المقاومة الشعبية وقد علمت بأن تلك المقاومة سببها التمسك بالهوية، وفرنسا الاستعمارية التي فشلت في ذلك أثناء الاستعمار يعاود اذنابها وحلفاؤها داخل مؤسسات الدولة الكرة مرة أخرى من خلال المنظومة التربوية ومنظومة الأسرة، والهدف المقصود من وراء ذلك هو السيطرة الاقتصادية ثم السياسية والاجتماعية، أما التغير الاقتصادي فالمقصود أن تصبح الجزائر دولة رأسمالية متوحشة يسيطر عليها عدد قليل من رجال الأعمال هم الذين يصنعون النمو الاقتصادي وهم الذين يصنعون الناتج الإجمالي الخام للدولة وبالتالي هم الذين يصنعون التوازنات الاقتصادية الكبرى وهم الذين يسيطرون على الدولة ومن خلالهم تسيطر الدول الاستكبارية الغربية على بلدنا ومصيرها، أما أغلب الشعب الجزائري عليهم أن يتعودوا على الفقر ، أن يكونوا كالملايين من المواطنين في البلاد التي تسيطر عليها الرأسمالية المتوحشة يأكلون من أجل أن يعيشوا فقط ولا يجب أن يطمعوا في الازدهار والتطور لهم ولأبنائهم فإن أرادوا الاحتجاج فإن العصا لهم والقمع والاضطهاد تحت رعاية غربية، فإن بالغوا في الاحتجاج فسيكون هناك من يدفعهم للتطرف وإدخالهم في أزمات أمنية عظيمة تسيل فيها الدماء وترمل النساء وييتم الأطفال حتى يصبح مطلب الأمن هو الأساس فيقبلوا أن يتعايشوا مع الفقر، فإن كان احتجاجهم قوي وصلب فسيصنع من القوى المعارضة الوهمية ما يدخلهم في فتنة عمياء يقسم على إثرها وطنهم إلى دويلات كلها ضعيفة ومتصارعة يحكم بينها الأجنبي ويتحكم فيها ويتقاسم معها خيراتها. لست أدري هل شكيب خليل والكثير من المسؤولين الجزائريين الذين يسندونه على علم بهذا المخطط الشامل أم أنهم شركاء في حلقاته الأولى فقط بسبب عمى البصيرة وهوى المصالح الشخصية. غير أنه في كل الأحوال هو أنسب رجل للتمكين للمشروع الرأسمالي المتوحش في الجزائر وله في ذلك تجارب سابقة في دول أخرى باسم المؤسسات الدولية التي تسيطر عليها أمريكا.
لهذه الأسباب مشروع الانتقال الديمقراطي السلس المتفاوض عليه و الانتخابات الحرة والنزيهة والمشاركة المكثفة للشعب في الشأن العام هو الحل وغير ذلك محن كبيرة تنتظرنا.
د. عبد الرزاق مقري
–
تعليقات الزوار ( 0 )