حركة مجتمع السلم

بيان حركة مجتمع السلم حول رفع تحفظ الجزائر عن اتفاقية سيداو المادة 15

تابعت حركة مجتمع السلم باستغراب شديد ما صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية رقم: 55 لسنة 2025م، والذي تضمن المرسوم الرئاسي رقم: 25-218، المؤرخ في 4 غشت 2025م، والذي نص على رفع تحفظ الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عن المادة: 15، فقرة: 4 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) لسنة 1979م، وهي الاتفاقية التي صادقت عليها الجزائر سنة 1996م، مع وضع تحفظات على بعض المواد لتعارضها مع أحكام الدستورية وقانون الأسرة وأحكام الشريعة الإسلامية.

وتنص هذه الفقرة من هذه المادة على ما يلي: “تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتعلق بحركة الأشخاص، وحرية اختيار محل إقامتهم ومحل سكنهم”.

وعليه فإن الحركة تلفت انتباه الجهات الرسمية، والرأي العام الوطني والدولي إلى ما يلي:

▪️من الناحية الشكلية تحفظت الجزائر على معاهدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979م المعروفة باسم معاهدة سيداو بموجب الأمر رقم 96/03 الصادر عن رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الإنتقالي آنذاك، وانضمت إلى المعاهدة مع التحفظ بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96/51 والذي يقتضي أن رفع التحفظ يجب أن يمر عبر نفس الأشكال القانونية، أي موافقة البرلمان ثم إصدار الأمر الأمر وعرضه لموافقة البرلمان إذا كانت الظروف تكرس طابع الاستعجال، مما يضع المرسوم الرئاسي في حالة غير منسجمة مع قواعد التشريع الطبيعية، ومخالفة لقاعدة توازي الأشكال في التقنين والتشريع.

▪️من الناحية الموضوعية لطالما كانت الجزائر وفية للسيادة على التشريع الوطني، وذلك بمراعاة الخصوصية الدينية والثقافية والاجتماعية للشعب الجزائري، وهو ما يكفله القانون الدولي ويكرسه الدستور، إلا أن هذه الخطوة تطرح عدة تساؤلات قانونية واجتماعية، تمس في جوهرها مدى انسجام هذا المرسوم الرئاسي مع المنظومة التشريعية الوطنية، وبخاصة الدستور الجزائري الذي يحمي حق التحفظ على المعاهدات والاتفاقيات الدولية ما تعارضت مع المرجعية الوطنية والدينية والخصوصيات القانونية، وهذا ماله علاقة مع قانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية، وما يمكن أن يترتب عنه من الناحية العملية في الواقع الجزائري.

▪️أن الجزائر التي تحفظت على بعض مواد اتفاقية “سيداو” سنة 1996م، بما تعنيه تلك المرحلة من حالة صعبة ومحاولات حصار عاشتها الدولة، ومع ذلك مارست السيادة الكاملة في مواجهة عولمة القوانين الغربية المصادمة للمرجعية الدينية والأخلاقية والمنظومة الاجتماعية الوطنية، مما يدفع للتساؤل عن الدوافع التي أدت إلى رفع التحفظ في ظل الواقع والتشريع والقيم التي لم تتغير، فما الذي تم الاستناد إليه حتى يتم رفع التحفظ على المادة 15 البند الرابع؟

▪️نؤكد في حركة مجتمع السلم أن الأصلح والأصوب للمرأة والأسرة والمجتمع والدولة هو ما جاءت به الأحكام الدستورية والقانونية المستمدة من روح الشريعة الإسلامية باعتبار الإسلام دين الدولة، والتي تعزز وتحافظ على قيم المساواة العادلة، والتي لم تنزل يوما إلى مستوى التمييز ضد المرأة منذ قرون من الزمن، وأن المرأة الجزائرية في غالبيتها لم تشتك من تلك الأحكام العادلة، وأن بعض الممارسات الاجتماعية وفق أعراف وتقاليد بالية ليست من الشريعة في شيء.

▪️كما تنبه حركة مجتمع السلم إلى خطورة الاستدراج المتواصل في التعامل مع المعاهدات الدولية التي لا تنسجم مع الخصوصية الدينية أو الاجتماعية، وتدفع للخضوع إلى الضغوط الدولية التي تفرضها هذه المعاهدات من خلال رفع التحفظات، فقد تم رفع التحفظ على المادة الخاصة بجنسية الأبناء سنة 2008م، واليوم يتم رفع التحفظ عن البند الرابع من المادة 15 من اتفاقية سيداو والتي تتعلق بحرية التنقل واختيار السكن والإقامة دون تمييز بين الرجل والمرأة، وهي ليست مشكلة مطروحة أصلا حتى يتم فتح هذا الباب، بما يهدد استقرار العائلة وتماسك المجتمع، واحترام نظام الأسرة الخاضعة إلى رئيس واحد وهو الزوج.

مع أن هناك دول كبرى ترفض الانضمام إلى مثل هاته الاتفاقيات، فالولايات المتحددة الامريكية غير منضمة لاتفاقيات سيدوا وغيرها من المعاهدات وهناك دول أخرى تحافظ على خصوصياتها الدينية والاجتماعية.

▪️تحذر الحركة من التداعيات الاجتماعية لهذا الإجراء من الناحية الواقعية والعملية والاجتماعية، والذي قد يستغل في تفكيك أوسع للأسرة ومنه المجتمع، ويسهم في الاستناد إلى هذه الجوانب من المعاهدات والمطالبة قانونا بالحق في اختيار السكن المستقل، سواء كانت هذه المرأة زوجة أو بنتا، من زوجها أو وليها، وسواء داخل إطار الزواج أو عند المنازعات الأسرية، وهو ما ينعكس انعكاسا خطيرا على قضايا الزواج، الحضانة، الطلاق، النفقة والنشوز وغيرها.

▪️إننا ندعو في حركة مجتمع السلم إلى ضرورة حماية الهوية الوطنية واستقرار الأسرة من منطلق الخصوصية الدينية والثقافية للشعب الجزائري، لأن رفع مثل هذه التحفظات سيلغي فعليا الاحتكام إلى مواد قانون الأسرة، حيث إن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين الوطنية بحكم دستور 2020م، وبالتالي فإن السيادة القانونية تكون لبنود هذه الاتفاقية عند التعارض، وهو ما يشكل خطرا على السّكينة العامة في الأسرة والمجتمع. ويسهم كذلك في تكريس الانقسام المجتمعي الذي يستهدف الوحدة والتماسك والاستقرار المرتبطين بالأمن الاجتماعي.

الجزائر في: 24 أوت 2025

أ. عبد العالي حساني شريف

رئيس حركة مجتمع السلم