نحن لا نتحدث عن عقل استراتيجي فردي يقوم بعملية استنهاض الأمة ،بل نتطلع إلى تجمع عقول استراتيجية تمتلك القدرة على التفكير الجماعي المشترك الذي يقدر على صياغة رؤية مستقبلية للنهضة والتغيير ،وتكون ذات خصوصية في توزيع الأدوار التي تكون محددة سلفا؛
وعلى هذا الأساس، أشار المفكر سيف عبد الفتاح :إن هذه الأمة تحتاج إلى عقل استراتيجي يجمع بين الإرادة والإدارة. وفي هذا المقام، يحسن العودة إلى المربع الذي يشتمل على أركان مهمة، تقدم في تفاعلها رؤية قادرة على التفكير والتدبير والتغيير والتأثير. حتى يمكنها تحقيق ذلك، عليها أن تتعرف على حجم الإشكالات، وتبصر كل التحديات، وأن تتعرف على مساحة المتطلبات وقدرات الاستجابات، إلا أن الحاضنة المهمة التي تشكل سندا لهذا العقل الاستراتيجي المشترك الذي يراكم الأعمال وينسق الأدوار ولا يكرر نفسه فضلا على أن يقوم بتدمير المكتسبات رغبة في المنجز المثالي، فالأمر هنا يتعلق بالتيار الرئيسي للأمة الذي يحسن إدارة الصراع والقدرة التدافعية وإدارة الأزمات وإدارة الفرصة، ما يؤسس المعنى الذي يتعلق بساحات الحركة وإمكانات التغيير وأصول الفاعلية في هذا السياق. وجب علينا أن نشير إلى ما يحيط بهذه الأمة من مخاطر، وما يتولد من جوف تلك المخاطر من فرص.
وينبغي الانتباه الى أن في تاريخ كل أمة تمر لحظة معينة، فإذا بها تصاب بنوع من الغشاوة الحقيقية، تضطرب مفاهيمها، ويصيب مدركاتها عدم الوضوح، ويسيطر على عقلها عدم الصلاحية، أما قياداتها بجميع مستوياتها فهي مهلهلة لا تدري أين الطريق الصحيح، قيادات سياسية فقدت الوعي، وقيادات عسكرية يصيبها الترهل، أما عن القيادات الثقافية فهي لم تعد سوى أبواق تهلل وترقص وتطبل.ولا خروج من هذه اللحظة إلا بالتمسك بتراث الأمة وقيمها التي تتطلب فهما جديدا يناسب المرحلة ويجيب على تساؤلات الأجيال الجديدة، للقيام بوظيفتها التي تحتمها عليها قيمها، والانطلاق من إرادة واثقة في الله والناس للتغيير، وقدرتنا على تحويل أنفسنا وعالمنا من رعب الضياع والتفكك الذي تعيشه أمتنا الى واقع جديد .
في الحلقة القادمة
نتجدد معا.. ننهض معا(04)
رهان تكوين قيادات التحرير الفكري