الرئيسية مقالات أ. عبد العالي حساني في ذكرى 24 فبراير المجيدة..الأمن الطاقوي، بين الطموح والتحدي

في ذكرى 24 فبراير المجيدة..الأمن الطاقوي، بين الطموح والتحدي

كتبه كتب في 24 فبراير 2024 - 6:12 م
مشاركة
AisPanel

يحيي الشعب الجزائري اليوم “24 فيفري” الذكرى 68 لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين، و 53 لتأميم المحروقات، وهما حدثان مهمان في مسار الجزائر المستقلة، باعتبار ارتباطهما بتثبيت وتثمين الاستقلال، وتأمين مستقبل الجزائر.

فالاتحاد العام للعمال الجزائرين تأسس أثناء الثورة التحريرية، وبالضبط في 24 فيفري 1956 من طرف الشهيد عيسات إيدير وإخوانه، فكان ذاك النضال النقابي في سياق بث الوعي الوطني في صفوف العمال، وتعريفهم بحقوقهم، وفي الوقت نفسه الانخراط في مشروع الاستقلال الوطني، واستكمال مسار بيان أول نوفمبر في تحقيق البعد الاجتماعي للدولة الجزائرية.

وتعزز “24 فبراير” بموعد ثان مع التاريخ سنة 1971 لإتمام الاستقلال بتأميم 51% من أصول  الشركات الفرنسية التي كانت تهيمن على الثروات النفطية، كان هذا ضمن مسار استكمال التحرير الوطني، لاتمام الاستقلال السياسي والاقتصادي للبلاد.

وكان من نتائج قرار تأميم المحروقات:

1ــ تحقيق السيادة الوطنية على الموارد الطاقوية، بعد عمليات تأميم أخرى بسطت فيها الدولة الجزائرية الفتية سلطتها على قطاعات حساسة كالبنوك والمناجم.

2ــ السعي إلى الاكتفاء في إدارة القطاع الطاقوي، والنفطي والمنجمي، وتحدي الوضعية التي أفرزها التأميم فيما يتعلق بالكفاءة العلمية والمهنية والتسييرية لدى الكفاءات الجزائرية.

3ــ رفع  تحدي التسيير والتحكم في تكنولوجية القطاع، خصوصا مع التوجه الوطني إلى الاستثمار الرابح في الإطار البشري الجزائري  لتحقيق كفاءة الأداء.

كل هذه الانجازات أسست إلى مسار السيادية الاقتصادية الذي انطلق آنذاك، لكنه تعثر بعد ذلك وتأخر، ولما يكتمل بعد، بسبب غياب الرؤية الشاملة والمستشرفة ضمن سياق اقتصادي شامل يفرض البحث والسعي لاستكمال تحقيق الأمن الغذائي والطاقوي، فالتحديات الراهنة تفرض مراجعة الاختلالات وحتى الإخفاقات التى رهنت الاقتصاد الوطني ضمن منطق الاكتفاء والانصراف عن مواصلة الجهود والاستغراق فى التبعية للريع النفطي.

ورغم أن الجزائر ملكت زمام ملف قطاع الطاقة، وحققت فيه موقعا مهما بين الدول، وساهمت في بث روح الاعتداد بالنفس في الكثير من الدول النامية لتحذو حذوها، ورافقت دولا شقيقة وصديقة في بناء استقلالها الطاقوي. إن تحدي التنويع في المصادر الطاقوية يفرض الإتجاه إلى الاستثمار الاستراتيجي في المنتجات الطاقوية النوعية، وفي الطاقات المتجددة، لا سيما إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، الذي يعتبر مجالا تملك فيه الجزائر مقومات هامة، إضافة إلى بقية المصادر المستدامة، وخاصة المنجمية والطاقة الشمسية والكهروضوئية، ومنه كذلك تحدي توسيع الاستكشافات، والعمل على رفع القدرات الإنتاجية وتطوير الحقول وتعزيز دراسات الأمن الطاقوي والبحث والتطوير في مجال الطاقات غير التقليدية لتأكيد الأمان البيئي وحماية الموارد الطبيعية الأخرى.

ومنه أيضا تحدي حسن استغلال العوائد، وذلك بالابتعاد عن ثقافة الريع، واعتماد رؤية شاملة ومدمجة تجعل من العوائد الطاقوية رافعا حقيقيا للاستثمار، وبناء اقتصاد متنوع، منتج، ومستدام.

*هذه الآفاق والطموحات تبقى دونها جملة تساؤلات ملحة يؤكد عليها المتابعون للشأن، لا سيما في شقه الطاقوي، تساؤلات تشكل إنشغالا بالغا لدى الطامحين والمتفائلين ببناء اقتصاد وطني متنوع ومستدام ومتجدد، منها على وجه التحديد: * هل حققت الجزائر أسس الأمن الطاقوي ضمن مسار إدارة ملف الطاقة؛ في ظل التوفر على كل عناصرها وامتلاك ثروات منجمية جد مهمة ونفيسة؟ * هل بإمكان الجزائر أن تستفيد من التحول الطاقوي والاستثمار في الطاقات المتجددة؛ خاصة في ظل ما يعيشه العالم من تزايد على الطلب لكل أنواع الطاقة ؟ * هل حررت السياسات المنتهجة الاقتصاد الجزائري من التبعية المخلة لعائدات التصدير بعيدا على الاستثمار في التحويل والتصنيع؟

* إن حركة مجتمع السلم تعمل على جعل هذا الملف ضمن الأولويات التي ترتكز عليها الرؤية الاقتصادية، وتعتبر بأنها مساهمة في بناء اقتصاد وطني بديل ومستدام، وفي تأمين الاستقرار، وتحقيق الرخاء وطيب الحياة، وحماية العمال وتجاوز المخاطر والثبات أمام الهزات العالمية ومواجهة مخططات السيطرة على الثروات وتقويض النفوذ.

لقد اختارت الجزائر أن يكون تاريخ تأميم المحروقات في نفس تاريخ إنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، كما اختارت من قبل أن يكون تاريخ استقلالها في نفس تاريخ احتلالها من المستعمر الفرنسي، وهذه دلالة تفرض الوفاء للتاريخ والثبات على المقاصد والحرص على القيم والثوابت.

تعليق