الرئيسية مقالات أ. فاروق أبوسراج الذهب نتجدد معا.. ننهض معا (06) الأصول التأسيسية العشرون

نتجدد معا.. ننهض معا (06) الأصول التأسيسية العشرون

كتبه كتب في 15 مايو 2022 - 4:43 م
مشاركة
عضو المكتب التنفيذي الوطني د. فاروق طيفور يكتب: نتجدد معا.. ننهض معا (06)
الأصول التأسيسية العشرون
وقصد صياغة إطار مفاهيمي لتيسير عملية التفكير التي ستقع بين زاوية الفتق وزاوية الرتق؛سنركز على تقديم عشرين فكرة رئيسية يمكنها أن تطلق العقول المفكرة في الامة للمساهمة في التأسيس لمرحلة جديدة تقعد للفقه السياسي الإسلامي بما يعضد عملية التجديد والتجسيد، وسنعود إلى شرحها أصلا أصلا بعد عرضها مجموعة لتحقيق الرؤية الكلية عبر حلقات سلسلة معا نتجدد معا ننهض ،وهذه الاصول التأسيسية هي :
الاصل الأول : إن حضور فقه مواكبة التحولات والتغيرات والتطبيق العملي لنظرية المآل في اتخاذ القرارات مسار طبيعي ضروري دأبت عليه حركات التغيير والإصلاح حيث لا يمكن التناغم بين فقه الواقع وفقع الشرع الا بتلازم الفهم الصحيح والسليم للنص الشرعي في سياق قوله او فعله او تقريره او نزوله مع مصاحبة ومرافقة الفهم الإسلامي المتراكم عبر العصور لتحقيق القراءة الصحيحة والتنزيل السليم بعيدا عن حالة الغفلة عن الربط بين متغيرات الواقع المتطور والانحباس في لحظة تاريخية فخرية ناجحة لكنها لا تكفي لصناعة تقدم او نجاح ليس بسبب التشكيك في كون اللحظة حازت النجاح في زمنها ولكن بسبب أن للتقدم أسباب ومثابات تتغير من زمن الى آخر ،واصبح الوعي بفقه النوازل الذي يُمثل الدّراية المعرفية في مقابل الدّراية السّياسية واتقان الوعي بمستويات هذه النظرية (الواقع – الأولويات – الموازنات – المآلات – المقاصد – السنن ) أكثر من ضرورة.
الأصل الثاني : التطبيق الذكي لنظرية اغتنام الفرص ورفض ثقافة الكرسي الشاغر ،والكرسي الشاغر هنا لايعني بالضرورة قبول عروض الأنظمة مهما كانت تكلفتها،بل نقصد عدم إعطاء فرصة للتغييب والتهميش،ومالايمكن ضمانه بالوسيلة السياسية قد يكون متاحا بفضاء مجتمعي ،وقد يسع الفرد مالا يسع الجماعة، فالسياسة هي فن وفقه الممكن وليست إرادة تحقيق الكل أو اللاشيئ،فهي تراكمية الإنجاز لايتحقق فيها النصر بالضربة القاضية بل بالنقاط في كل جولة ،وصولة الحق التي نملكها ونتقنها لا تغني عن ضرورة قطع مسيرة التغيير خطوة خطوة فالقفز العالي على الحقائق قد يقود الى الرجوع الى نقطة الانطلاق أو يرمي في اتجاه الفراغ والمجهول .
الأصل الثالث : توظيف التراث الإسلامي العريق والمتنوع ولاسيما في مغربنا الإسلامي الذي أرسى وحدة دينية ومذهبية فريدة على مدى قرون وقرون (قراءة الامام نافع للقرآن الكريم – مذهب الامام مالك في الفقه – مذهب الامام الاشعري في العقيدة- طريقة الامام الجنيد في التصوف )،فعدم حسم معارك فقهية وعقائدية متشابكة من شانها أن تزيدنا فرقة وتنازعا و تلهينا عن مقصد الاستثمار في هذا المنجز الوحدوي المهم وجعله في خدمة الاوطان ومصالحها والدفاع عن القيم الحضارية للامة واستنباتها في الواقع السياسي والثقافي والاقتصادي ،هو الطريق نحو الاستئناف الحضاري ،حيث يساهم فيه جميع افراد الامة ولو لم يكون لهم انتماء سياسي تنظيمي ،وهو فهم متجدد منفتح يقدم لنا كنوز لا يحجبها عنا الا الفقر المعرفي والتصحر الفكري وحالة الاغتراب التي تجعلنا اقرب الى استخدام التراث والقيم والمصطلحات الغربية بشعور وبغير شعور والاستغناء عن توظيف موروثنا الإسلامي السياسي الذي ضمر انتاجه وتحقيقة بغياب دولته التي كانت تغذيه وترعاه،فتاريخنا السياسي حافل ومميز يحتاج منا الى تغيير معادلات ومناهج التعامل معه انفتاحا وليس انحباسا وفق الرؤية المقاصدية وإرادة بناء النموذج الذاتي الوطني في مقابل الرؤية العرفانية في فكر وبناء النموذج الاممي.
الأصل الرابع : استخدام نظرية المقاصد والتوسع في الاخذ بالوسائل مادامت غير مقصودة في ذاتها وانما تتبع لمقاصدها طريق نحو التحديث والتنمية والتقدم بطلبها ولو بالصين كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ،وكل إعاقة أو تردد في اتخاذ قرار الاستخدام المتقن لوسائل العصر وادواته تجعلنا نعيش خارج الزمن على اعتبار ان معامل التوقيت والتحديث عنصر رئيسي في اكتساب ملكات العصر وتوظيفها للاستئناف الحضاري والسبق في انتاج النموذج الذاتي الذي يوفر لنا السيادة والاستقلال ،
الأصل الخامس : ونحن نتفاعل مع الاحداث والأزمات بالفعل ورد الفعل ،ولاسيما في عملية التدافع السياسي مع الأنظمة السياسية مما قد يحدث جراح ونتوءات نفسية عميقة لا ينبغي ان تتحول من مربع الفعل ورد الفعل الى مربع الصراع الصفري بخلفية نفسية قاعدتها رد الشر بخلفية انتقامية بل باستخدام فقه الطلقاء الذين حرر الرسول الكريم منهم مكة اثناء فتحها أو أن تتحول إرادة ابعاد الظلم والظالمين الى كتلة من العدمية والقسوة السياسية التي تتغذي باسباب نفسية عميقة وليدة مرحلة الاستضعاف قبل التمكين .
الأصل السادس : مركزية الدين والمجتمع في الرؤية السياسية العامة مقدم على مركزية الدنيا والدولة في التفكير ،على اعتبار أن فقهنا السياسي يتأسس على أولوية الدين على الدنيا والمجتمع على الدولة،دونما معادلة صراعية بين الدولة والمجتمع ،مما يفرض توفير أدوات ووسائل حراسة الدين وتبليغه وبناء أدوات تقوية المجتمع في مقابل تغول مؤسسات الدولة ،على اعتبار ان حل إشكالية تغول الدولة على المجتمع بسبب أبنيتها وتشريعاتها المستوردة هو حجز الزاوية في معالجة مخرجاتها المعيقة للتنمية بشكل مستدام ،حتى نيسر الإجابة على سؤال النهضة.
الأصل السابع : استثمار الفرص مقدم على دفع التهديدات،وجلب المصالح مقدم على درأ المفاسد ،حيث وجب التحول من حركات وجماعات رد فعل الى دوائر ومؤسسات للفعل ،فالفساد السياسي يقابله الإصلاح السياسي وكلما اتسع الإصلاح ومشاريعه انحسر الفساد وادواته والعكس صحيح ،والفرصة ينبغي ان تستثمر بذكاء كي تتوسع وينخرط فيها عدد لابأس به من الذين يحوزون ملكات توسيع مساحاتها وبرامجها في مقابلة التهديدات التي تحيط بالمشروع العام ،ولا ينبغي الاهتمام بحجم ونوع التهديدات وصرف أوقات متزايدة في الكتابة عنها ونشرها عند من لم يدركها ونضيع الفرص المتاحة في البيئة الخارجية لنصنع منها قلاع وحصون لمواجهة تلك التهديدات وبناء مؤسسات النفع العام لتحقيق مصالح العباد بما يدرأ المفاسد ويقلص من حجمها وانتشارها بافعال مجتمعية مؤسسية يسندها خطاب النهي عن المنكر بعد الامر بالمعروف .
الاصل الثامن : تمتين نقاط القوة ورعايتها بتأسيس المؤسسات المتخصصة التي تتكفل بالرفع من منسوبها وتوزيع الكفاءات والموارد عليها بشكل منظومي مقدم على الاستغراق في وصف نقاط الضعف وسيادة الشكوى والفشل في معالجتها ،لان رعاية الأول(نقاط القوة) سيحل إشكالية الثاني(نقاط الضعف) فدائرة الفعل هي دائرة القوة .
الأصل التاسع : انجاز البدائل والمشاريع وتقديم الخدمة وبذل الوسع في توسيع مساحات العمل والانجاز مقدم على الاشتغال فقط بمقاومة الرذائل ،ووصفها وتقريع أصحابها فخدمة المجتمع وتنميته تتطلب بناء النموذج الأخلاقي الصالح الذي يؤثر ويغير وعند توسع دائرته وانتشار فكرته ستنحصر الرذائل بالبدائل الواقعية التي تصبح معالم للاقتداء ويتحقق بموجبها الشهود الحضاري.
الأصل العاشر : عدم الارتهان الى منجزات مرحلة التأسيس ، وواجب الاجتهاد والتجديد،حيث تتاسس مرحلة الاجتهاد والتجديد على مكتسبات مرحلة التأسيس ،لان البناء ذا ميزة تراكمية حيث لامجال للقطيعة المؤسسية او لصراع الأجيال ،فالانجاز السياسي والاجتماعي هو صنيعة الاحياء وليس الأموات ،وعلى كل جيل تحمل مسؤولية التجديد والتجسيد واستفراغ الجهد الفكري والعملي لمراكمة الفعل قصد مراغمة ومقاومة التحدي الجديد باستجابية تتميز بالمعرفة والذكاء الجماعي الذي يضمن نصاب البقاء ويبني عليه قاعدة المنجزات المتجددة

تعليق