الرئيسية مقالات أ. فاروق أبوسراج الذهب الأصل السادس : المنظور الحضاري الراشدي كحل لإعادة بناء الدولة (03)

الأصل السادس : المنظور الحضاري الراشدي كحل لإعادة بناء الدولة (03)

كتبه كتب في 16 نوفمبر 2022 - 12:01 م
مشاركة

نتجدد معا … ننهض معا

شرح الأصول السياسية العشرين

الأصل السادس : المنظور الحضاري  الراشدي كحل لإعادة بناء الدولة (03)

بقلم: د. فاروق طيفور

الأصل السادس : مركزية الدين والمجتمع في الرؤية السياسية العامة مقدم على مركزية الدنيا والدولة في التفكير ،على اعتبار أن فقهنا السياسي يتأسس على أولوية الدين على الدنيا والمجتمع على الدولة،دونما معادلة صراعية بين الدولة والمجتمع ،مما يفرض توفير أدوات ووسائل حراسة الدين وتبليغه وبناء أدوات تقوية المجتمع في مقابل تغول مؤسسات الدولة ،على اعتبار ان حل إشكالية تغول الدولة على المجتمع بسبب أبنيتها وتشريعاتها المستوردة هو حجز الزاوية في معالجة مخرجاتها المعيقة للتنمية بشكل مستدام ،حتى نيسر الإجابة على سؤال النهضة.

استعرضنا في الحلقات السابقة أزمة بناء الدولة التي أثرت تأثيرا مباشرا على مناهج التغيير والإصلاح التي لم تتمكن منذ ما يقرب القرن من الزمن من تحقيق الانتقال والتحول نحو دولة واقعية عقلانية تسهل عملية التغيير وترعى الحريات وتجسد مؤشرات التنمية ،وبات من الضروري بحث سبل جديدة لإعادة بناء الدولة التي تحدث عنها المجاهدون والشهداء في بيان أول نوفمبر 1954   (في النموذج الجزائري) وحاول البعض تحريف أو ترجمة الهدف الأول للبيان بطريقة تحرفه عن أصالته  وقيمه التي كتب بها،فبدل استخدام عبارة (إعادة بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة في إطار المبادئ الإسلامية) التي تعبر عن الترجمة الصحيحة لكلمة (la restauration )ولكنهم فضلوا كلمة (إقامة (التي لا تعكس المعنى الحقيقي للهدف الأول من الاستقلال إنما تعكس السردية القائمة بأننا في حاجة إلى إقامة دولة لأنها لم تكن موجودة قبل الاستعمار ،و ذهبت بعض المصادر التاريخية ذات المصداقية إلى أن المؤامرة على هوية الدولة الجزائرية بدأت عندما أولى المجلس الوطني للثورة الجزائرية في دورته التي دامت أشغالها من 16 ديسمبر 1959 إلى يوم 18 جانفي 1960   الذي كان يستعد للدخول في المرحلة الثالثة من مراحل الثورة التي تم الاتفاق عليها في نوفمبر1954 وهي مرحلة الانتفاضات الشعبية ،فاسند صياغة الوثيقتين الأساسيتين إلى لجنة من التقنيين الذين يتقدمهم الدكتور فرانس فانون والمتشعبين بالإيديولوجية الماركسية التي تتناقض مع منظومة أفكار بيان أول نوفمبر  ،حيث كانت مهمتهم بلورة انسجام بين وثيقة بيان أول نوفمبر ووثيقة الصومام ولاسيما فيما يتعلق بتعريف الدولة الجزائرية التي يعاد بناؤها بعد استرجاع الاستقلال الوطني  ليطرح فيما بعد إشكالية مشروع المجتمع ،والحديث يطول حول هذه الجزئية المهمة في مشروع إعادة بناء الدولة الجزائرية ،والتذكير بها هنا في هذا المقام مهم ومؤسس لمقاربة جديدة في بناء الدولة على اعتبار أن هنالك طريقين مختلفين: طريقا تطرحه مدرسة التحديث أو المدرسة التنموية التي سادت الفكر الأمريكي (والغربي بصفة عامة)، وهو طريق نقل الخبرة الغربية إلى الدول غير الغربية بأسلوب “الحض” أو أسلوب “المحاكاة والتقليد”، وهي عمليات يعوّل فيها كثيرا على دور النخب ذات التعليم الغربي (الايوبي،1992،ص160) .

والطريق الثاني تطرحه مدرسة الاقتصاد السياسي اليسارية التي ترى أن المشكلة -في حقيقتها- راجعة إلى طبيعة الدولة التي أقامها الاستعماريون في البلدان التابعة للرأسمالية العالمية، تلك “الدولة المتضخمة” التي لم تتأسس عن طريق برجوازية وطنية، وإنما عن طريق برجوازية استعمارية أجنبية (الايوبي، 1992،ص160).وفي محاولة لتفسير هذا التناقض، يقترح “انطونيو غرامشي” فكرة أنه في الغرب يتسيد المجتمع المدني على الدولة، وتتخذ سيطرة الطبقة الحاكمة صورة التراضي والهيمنة، على حين أنه في الشرق تتسيد الدولة على المجتمع المدني وتتخذ سيطرة الطبقة الحاكمة شكل التسلط والقهر؛ “فالدولة هي كل شيء”. (الايوبي، 1992،ص63).وهنا يطرح نزيه الايوبي “الطريق غير الفرداني” كمنهج  لبناء الدولة، ويقصد به ذلك الاتجاه الذي ظهر على يد الرومانسيين الألمان، والذي ربط بين فكرة “الجماعة” وفكرة “الدولة”، ولم يتبنَّ الفلسفات الفردية التعاقدية التي قامت عليها الدول الأوربية الأخرى. وينتهي بالإشارة المهمة إلى “الطريق غير الأوربي” في بناء “الدولة”؛ ويقترح “نموذج بديل لنمط دولة واقعية أخرى ذات مسار تطوري” مغاير لمسار الدولة الأوربية؛ ويقصد به التجربة اليابانية؛ حيث إن اليابان هي دولة واقعية فعالة و”ناجحة”، مع أنها قد سلكت في تطورها مسلكا مخالفا إلى حد بعيد للدول الغربية (الايوبي ن.، 2010،ص64)

المقاربة الحضارية الراشدة لعملية بناء الدولة

يرتكز المنظور البيئي الحضاري في هذه المحاولة على المزاوجة بين مراعاة خصوصية عملية بناء الدولة  وأبعادها  التاريخية والثقافية، وبين  التواصل  والاستفادة من المداخل المعرفية التي  سادت  في الأدبيات  الغربية  دون الوقوع  في  تحيزاتها.حيث يبرز إسهام “ابن خلدون” في التنظير لعملية بناء الدولة من خلال تحديد العوامل الفاعلة  ذات  الأثر  الحاسم  في  التجربة الحضارية الإسلامية عموما، وتشكل الدولة تحديدا ، نذكر منها مايليي (الجابري، 1994،ص ص 254-259):

  • الأيديولوجيا، مما يقصده في هذا المجال الدين، الذي يعتبر شرطا ضروريا  لقيام  دولة  العرب،  ولكن  غير  كافي لأن  الدعوة الدينية  نفسها،  وهي  تستهدف  تغيير  الأوضاع  القائمة،  لا تتم  إلا  عندما  تتبناها  جماعة  قوية  بعددها، ملتحمة بعصبيتها.
  • العصبية التي لعبت دورا أساسيا في  عدم إستقرار الحكم  في  تاريخ الإسلام  وقصر  أمد الدولة  فيه. إن التاريخ  الإسلامي في  نظر “ابن خلدون”،  كان تاريخ  صراع  عصبيات،  اكتسى  في  معظم  الأحوال  غطاءا  دينيا،  لكن  في  العمق  كان  يحركه “النحلة المعاشية”.
  • مما يدل على حضور العامل الاقتصادي بقوة في تفسير هذه الظاهرة، بالإضافة إلى تأثير الطبيعة والمناخ “الخصب والجدب” كما يسميه.

من  خلال  هذه  العوامل  الفاعلة  والمتداخلة،  التي  نظر  إليها  “ابن خلدون”  على  أنها عوامل  ثابتة  تشكل  ما  أسماه  طبائع العمران،   تبدو  حركة  التاريخ  الإسلامي  في  شكل  حركة  دورية تشخصها عملية  قيام  الدول  وسقوطها،  وتتحكم  فيها تلك  العوامل  مجتمعة إلى  حد  بعيد.

إن  مفهوم ” ابن خلدون”  للدولة  والعوامل  التي  تسهم  في  بنائها  قد  اعتبر العصبية  بقوتها محورا  للدولة  ومحركا  لصيرورتها، وهو  بنظريته  هذه  يندرج  ضمن  ما  نسميه  اليوم  بالمدرسة  السياسية  الواقعية  في  دراسة   الدولة  والتي  ترى  في  هذه   المؤسسة   تعبير عن  القوة  أو السلطان (هادي، د.ت،ص99).

وعلى هذا الأساس  فإن المنظور الحضاري  يمكن  أن يسهم  في  وضع  أسس لدولة  تبنى  على  مقومات  حضارية أصيلة،  فإمكانية  تحقيق  ذلك  تتطلب  تضافر  للجهود  وابتعادا  عن  التبعية  والتنميط  والإستيلاب  من خلال  رؤية  معرفية  ثاقبة  وبوسائل  علمية  أصيلة  تكون قاعدتها  التأسيس  على  مبدأ  حركة الاستخلاف،  فيجب  إعادة  بناء  الدولة  على  أخلاقية  عامة  تعيد  إستلهام  فكرة  الجماعة،  وتعيد  تشغيل الطاقة  الروحية  للإنسان والمجتمع،  وتنمية  مجال  سياسي  متوازن (غليون، نقد السياسة: الدولة والدين،1992،ص ص 474-475) .

هذا ما يفضي بنا إلى الحديث عن المحددات التاريخية، الثقافية والمؤسساتية والأخلاقية الرئيسية لهذه الظاهرة، والتي تختصرها النظرية البنائية في: العرف – طبيعة الدستور – القانون الطبيعي.

من هذا المنطلق وجب تطوير نموذج معرفي يراعي الحقيقة الكونية وثقافة الخصوصية كمرتكزات في التعامل مع مفهوم بناء الدولة.بهدف تجذير مفهوم الحضارة والثقافة كمتغيرين تفسيريين لعملية بناء الدولة، وذلك باقتراح الشروط الإبستيمولوجية التالية (جيلالي،2015،ص272) :

– إن  تشكيل  الدولة  هو عملية  إجتماعية  مستمرة  وليس  فقط عملية هيكلية وهذا  يتطلب أن  نأخذ  متغير الثقافة  بأكثر  جدية  في  محاولاتنا  لفهم  تكوين  الدولة، فنحن  بحاجة  إلى  إعتماد  مفاهيم  أوسع  من  الشرعية  والإكراه،   فالدولة  ليست  مجرد  مجموعة  من المؤسسات بل  إنها  تشتمل  على  الأشكال  الثقافية والسياسية  والتصورات  والخطاب،  الممارسات  والأنشطة،  والتكنولوجيات،  والهويات  الاجتماعية .

–  توظيف مفهوم  النسبية الثقافية  كبراديغم  في العلوم الاجتماعية يقوم على رصد المسار الخصوصي للدولة وطريقة  بنائها  بواسطة  مرجعيتها  النوعية،  بمعنى التركيز على مسألة  التمايز الحضاري في خصوصية  بناء الدولة. فبناء الدولة في الحالة الفرنسية  يجسد  تجربة  بارزة  لدور  الدولة  في تشكيل الأمة،  وبناء الدولة في إسرائيل قام على أساس الدعم الاستعماري  لمشروع  استيطاني  إحلالي منظم من الناحية المؤسسية ليشكل دولة، هذه الدولة تبني المجتمع.

– اعتماد مقاربة سوسيولوجيا المعرفة،  فعلم السياسة  وأفكاره تتجدد بشكل  عام مع التغير الحاصل في الواقع المتشابك من الظواهر ،ذلك  أن  متطلبات  بناء  الدولة   دفعت  نحو  اتجاه  يدعو  إلى ضرورة  إعداد  مداخل  نظرية   تكون  مناسبة  لتحليل  خصوصية  المشاكل السياسية  للدولة، وهذا  في  إطار  ما يسمى  دراسات  المناطق  كحقل جديد ،حيث تركز على  دور  الثقافة  في  تشكيل السلوك السياسي  في السياقات التقليدية. .

و  يذهب المفكر الجزائري “مالك بن نبي” في هذا الصدد كرائد من رواد المنظور الحضاري : إلى أن الإنسان دعامته الفكرة، وبناء الفرد الإنسان لا يكون إلا بتشكيل وتكوين ثقافته التي تعد بمثابة الارتكاز و ليس الارتكاس في تعزيز هوية المجتمع ومقومات الدولة، من خلال بناء الثقافة المبنية على الحوار والتشاور ونبذ ثقافة الخلاف القائمة على التطرف والتعصب (جيلالي،2015،ص273).

الخلاصات :

كلما كان بناء هياكل الدولة وتشريعاتها منسجما مع البنية الاجتماعية ومتناغما مع إرادة المجتمع وتطلعاته كلما استطاعت الدولة وأبنيتها الوصول إلى تحقيق أهداف التنمية والنهضة. وكلما ابتعدت الدولة عن التجاوب مع الأبنية الاجتماعية والتطلعات الراسخة لدى المجتمع باستيراد نموذج الدولة الحديثة كلما عاشت حالة تغول وابتعاد عن آمال المجتمع مما أدى إلى حالة اللا إستقرار السياسي والاجتماعي ثم الوصول إلى حالة الانهيار بسبب التعثر والإخفاق في تحقيق التنمية والرفاه وتحولت إلى أداة لدى مؤسسات التصنيف العالمي ووصفها بالدولة الفاشلة والتي تحتاج إلى تدخل وحماية دولية فيما سمي بمعايير الدولة المعولمة التي تفرض عليها الخيارات السياسية والاقتصادية والثقافية والتشريعات التي تجعلها في مواجهة مستدامة مع مجتمعاتها وشعوبها وتكرس صدام مزمن بين الدولة والأمة ،وهو سبب مباشر في أزمة الدولة الوطنية المستقلة اليوم ،ومن خلال الفحص والدراسة وبغرض اقتراح مقاربات لإعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة  والناهضة خلصنا إلى النتائج والتوصيات التالية :

  1. إنَّ رصدًا موضوعيًا للمسار التطوّري الذي سلكته الدولة في النظام الإقليمي العربي منذ قيام جامعة الدول العربية العام 1945 وحتى اليوم، يخرج بتسجيل استنتاج قاطع مفاده أن الدولة العربية الحديثة كانت تتطوّر على قاعدة أزمة بنائية ووظيفية باتت معها غير قادرة على الخروج منها بسهولة. تمثّلت هذه الأزمة على مستويين: الأول، تعثّرها في إنجاز هياكلها المؤسسية الداخلية، والثاني، عجزها الوظيفي في إدارة مجتمعها من ناحية، وفي التوصّل إلى مصالحة مع مجالها القومي من ناحية أخرى.
  2. حملت الدولة في النظام الإقليمي العربي مع الولادة، أسبابًا مزمنة لتخلّف توارثها عن مجتمعها القديم. ولم تلبث أن تحوّلت إلى معوّقات ضاغطة لازمت قيام الدولة وأفقدتها القدرة على التأسيس لتجربة ناجحة تأخذ بأسباب النهضة ومراكمتها. أبرز تلك المعوِّقات إثنان: مشكلة الانتقال إلى مجتمع الدولة الحديثة من جهة، ومشكلة عدم دخول الدولة الحديثة في الوعي السياسي العربي من جهة أخرى.
  3. التأكيد على أن تعذر حقيقة بناء الدولة الوطنية المستقلة والناهضة مداره الالتباس المفتعل من قبل جهاز الإمبريالية المفهومية، أي هناك ضبط وتوجيه غربي لمفهوم العولمة بما يخدم مصالح الأيديولوجية الغربية، الأمر الذي يفضي للإشارة إلى عولمة بناء الدولة بمنطق الغربنة أو التغريب  . فالمشكلة الأساسية للدولة الوطنية مابعد الاستعمار  هي مع التغريب ، هو أصل الاستبداد والداعم له ، و المدخل لنهب الثروات، وقد تَجدَّدَت أساليبه اليوم، وأصبح هدفه القضاء على ما بقي من أسس للدولة الوطنية بعد أن اعتقد أنه همّش الدين وأبعده عن الحياة السياسية منذ زمن ليس بالقريب.
  1. قوانين الدولة الحديثة لم تقو البنية الاجتماعية للأمة، وكانت التعديلات المؤسسية والتشريعية منقطعة الصلة بالبناء الاجتماعي الموروث، وترتب على ذلك حدوث ازدواجية بين البنية الاجتماعية وبنية الدولة الحديثة فكانت المحصلة إلحاق الضرر والتشوه بالدولة والبنية الاجتماعية معا في آن واحد.
  2. أن المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الدولة وخاصة في العالم العربي والإسلامي، وهي أنها دولة “مستوردة” ، فُرضت عليه فرضا من الإمبريالية الغربية، وتضخمت تضخما شديدا تحت رعايتها حتى تحقق مصالحها وتحافظ على هيمنتها.
  3. الدولة المستوردة تفقد التأثير على مجمل الحياة الاجتماعية والدينية و لا تؤثر بالمعنى المطلوب على مسار النشاط الاقتصادي وتوجهات القائمين عليه.
  4. المتغير الاجتماعي  والحضاري عبارة عن تكوينات إذا أصابها الجمود فقدت الدولة فرص النهضة ،أما إذا تطورت في أشكال جديدة تلائم الظروف المتغيرة المحيطة بنا ستكون هذه الأبنية جزءا أصيلا من النهوض . ومن هنا يبرز دور المتغير الاجتماعي والحضاري في بناء الدولة.
  5. أن الوضع الصحيح لمعالجة إشكالية بناء الدولة هو البحث عن الكيفية التي يتم بها وقف تغولها ، وإعادة استقلاليتها من جديد. ولن نجد هذا الحل في إضفاء مشروعية كاذبة على هذه الدولة، سواء كانت مشروعية إسلامية أو قومية أو وطنية؛ إذ إن ذلك يزيد من هيمنتها وسيطرتها وتسلطها، ولكن الحل هو في تقديم النموذج البديل المستمد من الموروث الثقافي للأمة دون مفاصلة مطلقة مع النماذج الحديثة الأخرى.
  6. تعتبر مقاربة الحكم الراشد والمقاربة المؤسساتية والمقاربة الحضارية مدخلا موضوعيا لإعادة بناء الدولة المستقلة إذا التزمت النخب الحاكمة بمعايير وأسس هذه المقاربات وأدركت خطورة استيراد النظم والأنماط والتشريعات من البيئة الغربية سواء باختيارها أو بالاستجابة لتعليمات وأوامر الدولة المعولمة التي تفرض أنماطها ومنظوماتها على الدول والمجتمعات وتلزمها بذلك.
  1. المنظور الحضاري  يمكن  أن يسهم  في  وضع  أسس لدولة  تبنى  على  مقومات  حضارية أصيلة،  فإمكانية  تحقيق  ذلك  تتطلب  تضافر  للجهود  و ابتعادا  عن  التبعية  والتنميط  والإستيلاب  من خلال  رؤية  معرفية  ثاقبة  وبوسائل  علمية  أصيلة  تكون قاعدتها  التأسيس  على  مبدأ  حركة الاستخلاف،  فيجب  إعادة  بناء  الدولة  على  أخلاقية  عامة  تعيد  إستلهام  فكرة  الجماعة،  وتعيد  تشغيل الطاقة  الروحية  للإنسان والمجتمع،  وتنمية  مجال  سياسي  متوازن.
  2. الحل الإبستيمولوجي ليس في التمسك بالمعايير ولا التركيز فقط على متغير الحضارة ولا حتى تبني توليفة بين ما هو معياري وما هو حضاري ولكن الارتداد إلى المفهوم الحقيقي للكونية الذي يجعل الإنسان هو المحرك الحيوي للدولة من خلال أنسنة العملية السياسية.

تعليق