لا أحد يجادل في أن القطاع الخاص يعتبر شريك أساسي ومهم في التنمية ورفاهية المواطن في كل المجتمعات التي تريد الاستقرار لمواطنيها والسيادة لبلدانها وسط هذا العالم الذي لم يعد فيه للضعيف مكان، فإما أن تكون أو لا تكون، تكون بالتنمية النوعية والاقتصاد القوي والإنتاج الغزير، أو لا تكون بالجهل والتخلف والديكتاتورية والقمع.
فالإضافة إلى القمع والديكتاتورية التي تتميز به الأنظمة الشمولية (والنظام الجزائري أبرز هذه الأنظمة) نجد أن من بين أهم عوامل ديمومته وسطوته هو: اعتماده على رجال المال والأعمال الفاسدين والمفسدين المقربين من دوائر السلطة وصناعة القرار، وفي هذه المسألة يمكن توصيف هذا المشهد في الجزائر في المظاهر المهمة التالية:
- استباحة السيادة الوطنية، حيث لم تعد السلطة في الجزائر تملك من أمرها شيئا وبات رجال الأعمال والمال هم أصحاب السلطة الحقيقية.
- أكذوبة القطاع الخاص وتمجيده من قبل السلطة السياسية شبيه بدس السم في العسل، فالهدف من التمكين للقطاع الخاص ليس رفاهية الوطن والمواطن بقدر ما يهدف إلى بيع البلد وارتهانها للخارج، فشتان بين ثقافة القطاع الخاص الموجودة في بلدان العالم المتقدم ووهم القطاع الخاص المزور الموجود في الأنظمة الشمولية ومن بينها الجزائر.
- القطاع الخاص في الجزائر لا يملك رؤية اقتصادية حقيقية وواضحة المعالم، بقدر ما هو تكتلات لرجال المال والأعمال والذي يخدم أغلبهم مصالحه الشخصية من جهة ومصالح السلطة السياسية المقربين منها من جهة أخرى.
- الاحتكار وتمركز الثروة والمشاريع في يد فئة قليلة من رجال المال والأعمال، مما يجعل هكذا قطاع خاص مشبوها وغير ذي جدوى في النهوض باقتصاد البلد، فضلا عن رفاهية المواطن والرقي بمستوى معيشته التعبان أصلا.
- القطاع الخاص في الجزائر والذي يمثله رجال المال والأعمال غير خاضع في بعضه أو جله لآليات الرقابة الإدارية والتشريعية المتمثلة في البرلمان أو السلطة القضائية، مما يشجع على الفساد والنهب وتأسيس ثقافة المافيا في مختلف القطاعات وقد قيل: “من أمن العقوبة أساء الأدب”، فما بالك إذا ما تعلق الأمر بالمشاريع العملاقة وبملايير الدولار.
ما ذكرناه للتو من عورات القطاع الخاص في الجزائر لا يعني بأي حال من الأحوال تحييده وتقزيمه، على حساب احتكار لا يقل هو الآخر خطورة من احتكار رجال المال والأعمال وهو احتكار الدولة الذي أدى بالجزائر إلى الإفلاس والفشل الذريع في نهاية الثمانينيات ودخول الجزائر في النفق، وليس قدر أو حتمية أن تعيش البلد بين احتكارين كلاهما سيئ، وهذا الذي سيتم في حال تمرير واحد من أخطر قوانين المالية في تاريخ الجزائر المستقلة والذي يعرض في هذه الأيام للمناقشة العلنية في البرلمان.
وعليه فإننا في حركة مجتمع السلم وكما أكد رئيس الحركة مرارا وتكرارا والواضح جليا في رؤيتنا الاقتصادية في حال الوصول إلى السلطة ضمن انتقال ديمقراطي حقيقي، فإننا نؤكد على أهمية القطاع الخاص وضرورة تطويره ودعمه ضمن المسلمات التالية التي تؤمن بها الحركة وتناضل من أجل تحقيقها للنهوض باقتصاد البلاد:
- نعتبر القطاع الخاص شريك أساسي في بناء المجتمع ورفاهيته وليس لدينا أي عقدة على الإطلاق في هذه القناعة.
- تشجيع ودعم حقوق رجال المال والأعمال وتعبيد الطريق أمام إنجاح مشاريعهم، لكن مع وجود آليات الرقابة الإدارية والتشريعية والقضائية، آليات حقيقية وقوية لمنع التغول والفساد وتجاوز القوانين.
- يجب دعم القطاع الخاص، لكن ضمن مبدأ تكافؤ الفرص ومنع الاحتكار وتمركز الثروة والمشاريع في يد الأقلية.
- تحمل المسؤولية سواء أقطاب القطاع الخاص بالإضافة إلى أصحاب القرار.
- يجب دعم القطاع الخاص الذي يحمل رؤية اقتصادية يعود نفعها على البلد والمواطن.
تعليقات الزوار ( 0 )