لن ينس التاريخ ولا الأجيال المقبلة هذا الحدث المهم في تاريخ الجزائر المستقلة، تاريخ يعتبر منعرجا خطيرا ومهما سيهدد السيادة والمؤسسات الوطنية وخيرات البلد ومقدراته، والتي تعتبر بنص الدستور ملكا للشعب ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها فضلا عن رهنها وبيعها للأجنبي، هذا الأخير الذي لا تحركه سوى مصالحه ونواياه الاستعمارية القديمة المتجددة.
يقول خبراء القانون بأن الجريمة تعتبر جريمة إذا توافر فيها ركنان أساسيان:
- الركن المادي.
- الركن المعنوي.
فالركن المادي في جريمة 30 نوفمبر 2015 (تاريخ التصويت على أخطر قانون مالية في تاريخ الجزائر المستقلة) واضح وجلي، ويتمثل في تضمنه لمواد وبالنص الصريح على بيع المؤسسات العمومية للأجنبي وبخاصة المؤسسات الإستراتيجية مثل سونطراك وسونلغاز، بالإضافة إلى العقوبات التي ستطال الشعب ابتداء من سريان هذا القانون السيئ الصيت والسمعة، والزيادة في أثمان وفواتير عديد المجالات التي تمس مباشرة جيب المواطن وحياته اليومية، ناهيك عن العيوب الإجرائية التي رافقت جلسة التصويت وأعمال البلطجة التي قام بها رئيس المجلس وفريقه المزور الذين داسوا على ضمائرهم وصوتوا بنعم العار ونعم الخيانة، وليس انتهاء بمنع النواب من عقد ندوة صحفية مشتركة بين كتل المعارضة في المجلس الشعبي الوطني في تعد سافر ومفضوح على النظام الداخلي للمجلس وللقوانين السارية المفعول.
أما الركن المعنوي في جريمة 30 نوفمبر فيكمن في سبق الإصرار والترصد والمعرفة المسبقة والنية المبيتة لتداعيات هذا القانون على جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل إن صانع ومهندس هذا القانون وضعه لهذا الغرض وبلمسات واضحة لبارونات الفساد والأيادي الأجنبية.
وعليه يمكن اختصار الجريمة النكراء في المشاهد التالية:
- إكتمال جريمة 30 نوفمبر 2015 بركنيها المادي والمعنوي، والتي سيذكرها التاريخ والأجيال المقبلة بشخوصها ومضامينها وإجراءاتها.
- إن آخر ما يهم السلطة السياسية في البلاد هو مصلحة الشعب وسيادة الوطن، وهذا القانون دليل صارخ وقوي على احتقار السلطة لشعبها الذي من المفروض هو صاحب السلطة الأول والأخير.
- تعطيل وغياب تام للمؤسسات، والأخطر هو استخدام مؤسسات الدولة وفي مقدمتها البرلمان بغرفتيه في تمرير هذه القوانين غير السيادية وغير الوطنية وغير الدستورية.
- الأغلبية البرلمانية المزورة والمنعدمة الوجود تتحمل المسؤولية كاملة أمام الله والتاريخ والشهداء والوطن، وإلا كيف لنائب انتخبه الشعب يصوت لقوانين تعاقب الشعب وتجلد قدرته الشرائية.
- سكوت بعض ممن يطلق عليهم النخبة ومشهد “اللاموقف” أو “خاطيني”، فالمفروض على هؤلاء تصدر المشهد وتسجيل موقف تاريخي، فهذا القانون لا يتعلق بإيديولوجية أو حساسيات سياسية ضيقة بقدر ما يتعلق بمصير وطن ومستقبل شعب.
- الموقف التاريخي والمقاوم والشريف لنواب المعارضة بمختلف حساسياتها وتوجهاتها، وكذا الثبات على موقفها وفضحها لهذا القانون وصانعيه.
- يتحمل رئيس الجمهورية وحكومته المسؤولية كاملة على التوقيع على أركان هذه الجريمة النكراء وتثبيتها، فمن يدعي أن الشعب انتخبه عليه أن يحترم ناخبيه لا أن أن يعاقبهم وكأنهم خصوم أو أعداء.
تعليقات الزوار ( 0 )