الرئيسية أخبار لماذا أسس الأرندي ؟

لماذا أسس الأرندي ؟

كتبه كتب في 24 فبراير 2016 - 2:40 م
مشاركة

الذي أثارني للتذكير بسبب تأسيس الأرندي هو ما ورد في ملف كتب عن هذا الحزب في إحدى الجرائد اليومية، اقتصر  هذا الملف في إحدى مقالاته على القول بأن التجمع الوطني الديمقراطي أسس من قبل زروال كضرة لجبهة التحرير حين خرجت للمعارضة بقيادة مهري رحمه الله. والحقيقة هنا منقوصة جدا وتغفل الوقائع التاريخية  الأهم، وهو أن المستهدف الأول والأساسي من مؤامرة تأسيس الأرندي وفرضه على الجزائريين هو حركة مجتمع السلم. والدليل على ذلك هو أن كل الإجراءات الدستورية والقانونية والسياسية التي اتخذها النظام السياسي آنذاك كانت تستهدف الحركة بلا جدال ولا مراء منها:

1- الحملة الانتخابية العدائية ضد الشيخ محفوظ نحناح حين ظهرت قدرة الحركة على التعبئة في الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 1995.

2- التزوير المكشوف للانتخابات لصالح زروال ضد الشيخ محفوظ نحناح.

3 – تغيير الدستور سنة 1996 لقطع الطريق على الحركة من خلال :

أ- فرض تغيير اسمها و دسترة عدم استعمال الدين لأغراض سياسية، ظنا من السلطة بأن الاسم والخطاب الديني هو سبب نجاح الشيخ وقد تعاملت الحركة بإيجابية مع هذا الموضوع.

ب – منع أي علاقة للأحزاب بمنظمات المجتمع المدني ظنا من السلطة بأن علاقة الحركة بجمعياتها الخيرية هو من أهم أسباب نجاحها (مع أنهم هم من خالف ولا يزال يخالف ذلك إلى الآن، والتجمع الوطني من أركان تأسيسه منظمات المجتمع المدني)

ب – وضع مادة دستورية خاصة بالشيخ محفوظ نحناح تمنعه من الترشح لأي انتخابات أخرى، وهو ما يتعلق ببطاقة المشاركة في الثورة التي منع منحه إياها رغم شهادة زمرة من المجاهدين على رأسهم سي حسان الخطيب وسي بورقعة وذلك من خلال منع اجتماع اللجنة المخصصة لذلك.

4 – التزوير المكشوف في الانتخابات التشريعية سنة 1997 التي تضررت منها حركة مجتمع السلم أكثر وليس جبهة التحرير خلافا لما ورد في المقال الذي أشرنا إليه، والتزوير سنة 1997 أثبتته لجنة التحقيق البرلمانية واعترف به عدد من المسئولين الذين اقترفوه منهم رؤساء حكومات وولاة ومنهم بشير فريك الذي أعطى معلومات مرعبة في الموضوع. ورغم التزوير فإن حركة مجتمع السلم هي التي كانت الثانية في الترتيب وليس جبهة التحرير، ولو كانت جبهة التحرير هي المتضررة لما هرب ممثلها بملف لجنة التحقيق البرلمانية الذي أثبت التزوير الانتخابي.

5 – التزوير الفضيع والشامل الذي كان السبب الرئيسي في إفساد العملية السياسية إلى الآن، والذي كان بمثابة الخطة التأسيسية الحقيقية للتجمع الوطني الديمقراطي حيث تمكنوا من أن يخلقوا له من خلال المجالس المحلية المزورة مجموعات مصالح لا تزال إلى الآن جزء أساسي ضمن قوى المحافظة على الفساد والفشل السياسي للنظام الجزائري (مع  قوى أخرى محلية ووطنية).

ومع ذلك أقول بأن تأسيس الأرندي ساعد كذلك في إرجاع الآفلان للسلطة حيث أدرك عدد من قيادات جبهة التحرير بأن سياسة الضغط على النظام من خلال الخروج للمعارضة أصبحت غير مجدية بعد أن صنعت السلطة لنفسها حزبا آخر، وحين تهيأ لهؤلاء القياديين في جبهة التحرير بأن الابتعاد عن النظام السياسي قد يكون أبديا انقلبوا على مهري، وقد قال لي ذلك أحد قيادات جبهة التحرير دون مواربة، قال لي بأنني “قدت عملية الانقلاب ضد مهري ليس لعيب شخصي فيه، فمهري لا يوجد أحد في مستواه في جبهة التحرير ولكنني انقلبت عليه لأنه أخرج الجبهة من السلطة”.

فالمستهدف الأول هو حركة مجتمع السلم، وهذه هي الحقائق التاريخية الساطعة التي لا يمكن التجني عليها، وحركة مجتمع السلم كانت مستهدفة لأنها أصبحت تمثل بديلا متكامل الأركان قابلا للحياة والفعل والتأثير، ثم تأتي جبهة التحرير كمستهدف ثان، جبهة التحرير كان يمكن الاستغناء عنها ولكن حركة مجتمع السلم كان يجب قطع الطريق عليها. لقد كان بإمكان حركة مجتمع السلم أن تصنع قصة نجاح لا تقل أهمية عن ما وقع في ماليزيا و اندونيسيا وتركيا وبولونيا والفيتنام وغيرها، ولكن ” فيروس التزوير الأرنداوي” منع ذلك وهنا لا يتحمل المسؤولية قادة الأرندي الحاليون فقط، فهم مسئولون بكل تأكيد وعلى رأسهم أحمد أويحي الذي قاد التزوير الكبير في الانتخابات المحلية سنة 1997، ولكن يتحمل المسؤولية كذلك كل الذين صنعوا هذا الحزب بالغش والتزوير ومنهم زروال وبتشين وتوفيق والعربي بلخير ووزراء الداخلية والولاة ورؤساء الدوائر ومختلف القادة العسكريين والمدنيين والموظفين ووسائل الإعلام الذين شاركوا في هذا الظلم العظيم الذي لم يضر حركة مجتمع السلم فقط، ولم يجعل الشيخ محفوظ نحتاج يموت بغيظه فحسب بل أضر بالجزائر كلها وصنع واقعا سياسيا منحرفا لا يزال يصنع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة في الجزائر

وما دام الأمر يتعلق بالجزائر أساسا فنحن في حركة مجتمع السلم على استعداد أن نسمح وأن نعفو عمن ظلمنا إذا تاب إلى الله وأقلع عن هذا السلوك وساعد على خروج البلاد من أزماتها بداية بالإقلاع عن آفة التزوير الانتخابي والتوقف عن الترتيب الفوقى الظلامي للمشهد السياسي.

د. عبد الرزاق مقري

تعليق

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً