الرئيسية أخبار قطع الانترنت: ذهنية صاحب القرار الجزائري

قطع الانترنت: ذهنية صاحب القرار الجزائري

كتبه كتب في 20 يونيو 2016 - 2:26 م
مشاركة

كنا في يوم من الأيام في جولات الحوار في منتصف التسعينيات، قال لنا أحد المسؤولين : نحن حينما نشك بأن هناك مشكل في جزء من ” المصران” نقلع ” المصران”كله. إنها نفس الذهنية التي تحكمنا. وهي ذهنية الفاشل والرديء و” التعبان” ذهنية لا إسم لها سوى التخلف. شتان بين من يقلع ” المصران” كله لمجرد الاشتباه وبين الجراح الحاذق الذي يقطع الجزء الصغير جدا الذي أصابه المرض ويحافظ عل العضو كاملا يؤدي وظيفته.
كنت في مستغانم الأسبوع الماضي فالتقيت بطبيب عضو في نقابة الأطباء الخواص، قال لي قضينا أربع سنوات ونحن ننتظر اعتماد منظمتنا بالرغم من أن عندنا تمثيل في 20 ولاية. استمعت في مناسبات عديدة لشكاوي العديد من الناشطين في المجتمع المدني، في المال والأعمال، في الصحافة، في البحث العلمي، في الفن، في الرياضة، في العمل الخيري، يصفون لي التضييق والتعطيل الذي يلحقهم في الترخيص لأعمالهم لمجرد أن المسؤول الذي يمنح الأذن أو الترخيص يشك في ولائهم للنظام السياسي . فبدل إعطاء حقوق الناس ابتداء ثم معاقبة من يخالف القانون منهم انتهاء، يفضلون التعطيل والعقاب الجماعي للناس ابتداء حتى لا يزعجهم أي أحد انتهاء، كما هي عقلية الكسول والعاجز حين تتوفر لديه وسائل القوة والإكراه.
هذه هي العقلية التي تحكم الجزائر منذ سنوات طويلة، بل الأمر زاد سوء، كان المحروم في زمن مضى هو المعارض للنظام السياسي، أما اليوم يكفي أن يشك الحاكم في ولائك فلا تأخذ حقوقك، بل إن النظام السياسي أصبح يتجاوز في بعض الأحيان معاقبة المعارض أو المشكوك فيه فيعاقب معه أسرته ومحيطه، بل قد يصبح العقاب جماعيا شاملا يصيب الملايين كما هو حال قطع وسائل الاتصال الاجتماعي وتعطيل تدفق الانترنت على كل الجزائريين من أجل حماية بن غبريط وحماية من وراءها.
لو كانت منظومة الحكم عندنا مسؤولة وذات مستوى وكفاءة لقبضت على المجرمين الذين سربوا الأسئلة وروجوا لها بدل توقيف الوسائل التي استعملت لترويج التسريب. إن طريقة تسيير هذه الأزمة جعلت امتحانات الباكلوريا طالع شؤم على الجزائريين بدل أن تكون مناسبة علمية اجتماعية حميمية ذات نكهة خاصة كما كانت دائما.
ومن أكبر ما يؤلم في هذه الفضيحة هو الاستخفاف بالمواطنين وعدم احترامهم باتخاذ قرار تعطيل مصالحهم ومصادرة حقهم في الاتصال دون أخذ رأيهم وكأنهم قطيع لا شعور لهم ولا كرامة، دون أي اعتبار للمشاكل الكبرى التي تلحق الباحثين أو الطلبة الذي يعدون رسائلهم الجامعية أو المتعاملين الاقتصاديين أو الإعلاميين أو المرضى أو أي محتاج للأنترنت في زمن أصبحت هذه الوسيلة مثلها مثل الهاتف والماء والكهرباء، اللهم إلا إذا كان حكامنا يعيشون في زمن قديم لا يعرفون أهمية الانترنت.
إن الصورة التي نقلها حكامنا للعالم بإجراء قطع وسائل الاتصال الاجتماعي وتعطيل تدفق الانترنت مفادها أننا بلد متخلف لا اقتصاد فيه ولا علم ولا بحث ولا حقوق ولا كرامة ولا حكومة ولا إدارة ولا وزارات، مجرد بلد تحكمه مجموعة متسلطة شرعيتها الوحيدة هي القوة والسيطرة. حسبنا الله ونعم الوكيل.

عبد الرزاق مقري

تعليق

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً