تستضيف العاصمة الموريتانية “نواكشوط” القمة العربية السابعة والعشرين بحضور عربي محتشم على مستوى القادة وتفاعل إعلامي باهت، يعكس مدى روتينية القمم والتي أصبحت تجتمع لمجرد الاجتماع دونما مخرجات حقيقية تنبني عليها حلول لواقع عربي تعيس وشعوب مغيبة تواقة للحرية والديمقراطية والعيش الكريم..
فمن الناحية الشكلية ميز هذه القمة الملاحظات التالية:
- انعقاد الدورة في موريتانيا، هذه الدولة الفقيرة والمطبعة مع إسرائيل والتي جاء رئيسها بانقلاب على الديمقراطية الناشئة، وانعقاد القمة في هذا البلد لأول مرة هو اعتراف من العرب به وبانقلابه في إشارة واضحة إلى أن الديمقراطية عند العرب ضيف ثقيل وغير مرغوب فيه، مع التشديد طبعا على أن الدولة المستضيفة عجزت حتى على استيعاب الوفود المشاركة في القمة من حيث الإيواء بالخصوص.
- غياب معظم الرؤساء العرب عن القمة حيث حضر سبعة رؤساء من مجموع 22 رئيس مما يطعن في كونها قمة بالأساس، وهذا يدل على أن القمم العربية لم تعد ذات جدوى وأن أكذوبة العمل العربي المشترك التي صدع الحكام العرب بها رؤوسنا لسنوات طويلة أصبحت من الماضي، وأصبح كل قطر عربي يفضل التعامل مع الدول الكبرى (انبطاحا لا ندية) بدل الخيمة العربية التي تأسست في الأصل لتجمع وتوحد الجميع على مشروع عربي متكامل على غرار الاتحاد الأوروبي مثلا.
- أجندة العرب المجتمعين في “نواكشوط” فارغة، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر وغياب تام لاهتمامات شعوبهم المكلومة.
أما من ناحية المضمون فيمكن تسجيل الملاحظات البارزة التالية:
- قمة منحازة لعديد الأطراف: للسعودية في الملف اليمني، وللبحرين في القمع الوحشي للمعارضة، وللسيسي في انقلابه على الشرعية، وللحكام في قمعهم للشعوب…
- تباين المواقف العربية حول عديد القضايا والملفات مما سيزيد من الشرخ في الجدار العربي المتهاوي أصلا، ولعل الملف الليبي والسوري والعراقي أبرز ملفات الخلاف والتباين.
- فشل الأنظمة العربية في تحقيق التنمية لشعوبها، حيث تتصدر المراتب الأولى عالميا في معدلات الفقر والبطالة والفساد والتبعية واللااستقرار بسبب انعدام التفكير العلمي والاستراتيجي وغياب الديمقراطية والدوس على الحريات.
- معضلة العرب في شرعية حكامهم وانقلاباتهم المتكررة على إرادة شعوبهم، فمن دون ديمقراطية وحكم راشد ستتواصل الأزمات في المنطقة العربية وستبق تبعا للإرادات الدولية والمطامع الأجنبية التي استباحت المنطقة وبإرادة حكامها وفق منطق: “تنازل لتبق في الحكم”.
- تواصل انحياز الموقف العربي الرسمي لحكام رام الله ومباركتهم المباشرة وغير المباشرة لخنق قطاع غزة فقط لأن الذي يديره حركة حماس.
- إفلاس الطرح العربي فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، حيث تبنى العرب في هذه القمة المبادرة الفرنسية لاستئناف المفاوضات كما وردت دونما مقترحات عربية أو تصويبات أو تحفظات في استقالة واضحة في إدارة الصراع العربي الإسرائيلي، والذي قزم إلى صراع إسرائيلي فلسطيني وفق قاعدة: “لسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين”.
- وفي موقف غريب أدان العرب التدخل التركي في شمال العراق وكأنه أم الكوارث، في حين تناسوا إدانة الانقلاب الفاشل الذي تعرضت له التجربة الديمقراطية الرائدة في تركيا، لأنهم ببساطة: “انقلابيون”.
- أغلب القرارات والتوصيات التي ستتمخض عن القمة العربية لن تطبق في الغالب فهي تسجيل حضور وصور للذكرى لا أكثر ولا اقل..
معوقات العمل العربي المشترك:
- دكتاتورية أغلب الأنظمة العربية.
- الضعف الاقتصادي بسبب الفساد وغياب الحكامة والحكم الراشد.
- تدخل العسكر في الحكم.
- غياب التداول السلمي على السلطة.
- قمع الحريات.
- التبعية للخارج وانعدام القرار السيادي.
- النزاعات العربية العربية والعصبيات المقيتة.
- صناعة الإرهاب بسبب القمع.
تعليقات الزوار ( 0 )