لا يوجد لكثير من المعترضين على البرلمان، والمعترضين على الدخول في الانتخابات، سوى سبب واحد وهو أن النائب يأخذ 30 مليون سنتيم كأجرة شهرية. قبل الحديث عن هذه الأجرة وعن نوابنا بالذات بخصوصها تجدني مضطرا للقول ( مع احترامي لأصحاب هذا الرأي) بأن الاتكاء على هذا السبب لا يشرف القائل به، فهو قول صغير لا ينم عن مستوى لائق وفكر راق، وقد يبين عن حالة نفسية مرضية عقّدها الحسد، وأجزم أن صاحب هذا الموقف لو أتيحت له الفرصة ليكون نائبا لسعى إليها دون هوادة، ذلك أن الحاسد يتمنى زوال ” النعمة” لأنه حرم منها أو لا يستطيع الوصول إليها في رأيه
لا يوجد برلمان في العالم ليس للنائب فيه امتيازات خاصة، غير أن هذه الامتيازات تمنح له نظير واجبات يقوم بها، ومقابل نفقات يفرضها عليه موقعه، فالسؤال الذي يُطرح هل العيب في أجرة النائب؟ أم في النائب الذي يكتفي بالامتيازات ولا ينفق ولا يعمل ولا يعرض نفسه للخطر المترتب عن قيامه بواجب الرقابة. إذا كان العيب في الأجرة ذاتها فهذا كلام لا يستقيم تمرغه في التراب تجربة البشرية كلها في العالم. أما إذا كان العيب في النائب الذي يأخذ الأجرة بغير حق فالعدل الذي أمرنا به الله تعالى لا يسمح بالتعميم وجعل النواب كلهم في سلة واحدة. نوابنا شرفوا عهدهم ونحن فخورون بهم رجالا ونساء للاعتبارات التالية:
1- لم يصبح نوابنا ب” الشكارة” والرشاوي وإنما بالاستشارة الواسعة ثم بالديموقراطية والانتخاب في المؤسسات المحلية.
2- نوابنا ليسو نوابا بالتزوير وإنما وضعهم في هذا الموقع أصوات الجزائريين.
3- لم يتورط أي من نوابنا في شبهة فساد بل هم قدوات أخلاقية لا يختلف حول هذا إثنان.
4- نوابنا ينفقون جميعا من أجرتهم للمساهمة في ميزانيات أنشطة الحركة على المستوى المركزي والمحلي وحسابات ذلك متوفرة لدينا، وكثير منهم ينفقون على مكاتبهم لاستقبال المواطنين وكثير منهم يتحملون عبئا كبيرا من النفقات على المحتاجين حولهم الذين أصبحوا يقصدونهم بكثرة الإشاعة عن ثرائهم الموهوم.
5- من نوابنا من أعطى صورا نادرة في الإنفاق لا نراها إلا في كتب التراث، كمن يأخذ كل شهر من أجرة النائب مقدار أجرته التي كان يأخذها من وظيفته الأصلية ويرجع الباقي للحركة لتنفقه في مختلف دروب الخير، أو كمن أنفق على الحركة في عهدته أكثر مما أخذ إجماليا في أجرة 5 سنوات وذلك في عهد سابقة، أو كمن نقص دخله بسبب أنه كان يشتغل في القطاع الخاص ويأخذ أفضل من أجرة النائب ولم يكن يطمع فيه أحد، والغريب في الأمر أن هؤلاء لا يحبون أن تحكى قصصهم المبهرة هذه.
6- والأهم من ذلك نوابنا لم يفرطوا في واجباتهم محليا ومركزيا، فعلى المستوى المركزي صنع البرلمان نجوما في سماء مكافحة الفساد والفشل والهيمنة في الجزائر ومناصرة القضية الفلسطينية والقضايا العادلة في العالم من النواب الرجال والنساء، ولو لم يكونوا نوابا لما أتيحت لهم هذه الفرصة ولو لا حصانتهم لما استطاعوا القيام بالواجب، ومنهم من سيتعرض إلى الانتقام والمضايقات كما حدث لغيرهم من قبل.
7- وعلى المستوى المحلي لم يتوقف نوابنا عن السعي لقضاء حوائج الناس في ولاياتهم ومحاولات دعم التنمية المحلية والكفاح من أجل المشاريع لدى السلطات المحلية والمركزية، رغم المصاعب الكبرى وسياسات تحجيم دور النائب ورغم صعوبات إرضاء المواطنين الذين لا يرضى الواحد منهم إلا إذا قضيت حاجته هو ولو قضيت حاجات كثير من الناس غيره. وقد وصلت شفافية بعض نوابنا أنهم حينما يحصلون على جواز السفر الذي يمنح لهم سنويا يسلمونه لمواطن في ولايتهم من خلال القرعة أمام الجمهور. بعض كل هذا الذي وضحناه لا يصح لأي كان أن يحكم على نوابنا ومنتخبينا بنفس حكمهم على غيرهم إلا أذا كانت لديه خصومة ابتدائية غائرة في صدره لا نستطيع علاجها، فليعذرنا ونعذره.
عبد الرزاق مقري
تعليق
تعليقات الزوار ( 0 )