حركة مجتمع السلم

إحياء ذكرى مولد الهدى نبي الرحمة أستاذ البشرية..اختتام رسالة وميلاد مشروع حضاري جامع..

إحياء ذكرى مولد الهدى نبي الرحمة أستاذ البشرية..
اختتام رسالة وميلاد مشروع حضاري جامع..

تحل على الأمة الإسلامية الذكرى 1500 سنة منذ مولد أشرف الخلق نسبا، وأعظمهم أخلاقا، وأطهرهم قلبا، وأصدقهم لسانا، وأوفاهم عهدا، وأكرمهم يدا، وأعدلهم حكما وأشجعهم في المواقف، وأرحمهم بالضعيف، وأزهدهم في الدنيا، وأتقاهم لله رب العالمين. سيد الرسل وخاتم الأنبياء محمد ﷺ، الذي جمع الله له محامدَ الصفات، وكريم النسب، وصفاء الأصل، وعلو المنزلة، وكمال الأخلاق ما لم يجمع لغيره من البشر، وأعلى به منارَ الحق، فكان بحق خير من وطئ الثرى، وأعظم من عرفت البرية.

نعيش هذه الذكرى العظيمة والأمة الإسلامية تواجه تحديات مصيرية تتقدمها النكبات والصراعات، ومظاهر الفرقة والتشتت وبراثين التخلف والتمزق وتراجع القيم والأخلاق، واستهدافا متواصلا لعقيدتها ومقدساتها، وعلى رأسها فلسطين 🇵🇸 الجرح النازف منذ أكثر من سبعة عقود، مما يجعل استحضار هذه الذكرى فرصة واعدة وأملا متجددا وعهدا ثابت مع رسالة محمد ﷺ باعتبارها مشروعاً حضارياً متكاملاً منقذا ملهما للأمة وسبيلا للنهضة والوحدة والعدل.

لقد كان ميلاد النبي ﷺ لحظة فاصلة في تاريخ الإنسانية، نقلت العالم من ظلمات الجاهلية إلى نور التوحيد والكرامة والحرية، ومن استعباد العباد الي تحرير العباد ومن ماسي الفرقة الي نعيم الوحدة ما يدعونا لفهم رسالة المولد باعتباره دعوة متجددة للانتماء لرسالة الإصلاح الشامل وبناء الإنسان، وصناعة مجتمع أخلاقي، وإعادة بعث أمة تسود دولها وشعوبها قيم الحرية والعدالة والرحمة.

نحيي ذكرى المولد ونحن أمام امتحان حقيقي في الوفاء لأخلاق المصطفى ﷺ في تعامل الأمة مع القضية الفلسطينية التي تعيش أقسى مظاهر الظلم والطغيان والخذلان، وكشف بوضوح مدى التراجع في أولويات الأمة.، لأنها ليست قضية شعب محاصر، بل قضية أمة وهوية وكرامة وعقيدة.. والاحتلال الصهيوني الذي يقتل ويهدم ويهوّد، يجد نفسه محاطاً بصمت دولي وتخاذل عربي وإسلامي. في المقابل، فإن السيرة النبوية تعلمنا أن نصرة المظلوم جزء من الإيمان، وأن تحرير الأرض واجب شرعي وحضاري. من هنا، يصبح المولد مناسبة لتجديد العهد مع فلسطين، لتأكيد مركزيتها في وجدان الأمة، ورفض التنازل عنها أو تحويلها إلى ملف ثانوي أو ورقة للمساومات السياسية.

نستحضر ذكرى المولد ونحن نستذكر أن أبرز ما جسدته الرسالة المحمدية توحيد المسلمين في أمة واحدة، تجاوزت العصبيات القبلية والعرقية وارتفعت فوق الحدود الضيقة، وسمت فوق المذاهب والشيع وارتقت على الخلافات السياسية والمذهبية وكانت خير أمة أخرجت للناس، أقامت حضارة إنسانية لم يكرر التاريخ قيمها ورخاءها وعدلها.

إن رسالة المولد الكبرى تقوم على حديث النبي ﷺ “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فهي في جوهرها مشروع أخلاقي قبل أن تكون قوة عسكرية أو توسعاً سياسيا.. ولا يمكن للأمة أن تستعيد مكانتها ما لم تستعد منظومتها القيمية القائمة على الصدق في الحكم والعدالة في الاقتصاد والنزاهة في الإدارة والرحمة في العلاقات الاجتماعية. فالقوة الحقيقية للأمة ترتكز على قيام نهضة متكاملة تسودها الأخلاق وتحميها القيم.

إن الاحتفال الحقيقي بالمولد النبوي يكون بتحويل الذكرى إلى منهاج عمل يوجه الأمة نحو النهضة، ويعيد فلسطين إلى قلب مشروعها، ويمنحها القدرة على مواجهة التحديات بروح الوحدة والعدل والرحمة.. وهكذا نفي بالعهد الذي حمله سيدنا محمد ﷺ يوم بعث ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ونستعيد موقع الأمة كـخير أمة أخرجت للناس، ومنطلقاً لإعادة بناء المشروع الحضاري الإسلامي، عبر التجديد القيمي والتكامل الوحدوي والنهضة العلمية والحضارية ونصرة فلسطين باعتبارها معيار صدق الانتماء للرسالة النبوية.

أ. عبد العالي حساني شريف | رئيس الحركة